(١ / ٢٦٥ - ٢٦٨) التوفيق بينه وبين حديث
الاستئذان وما في معناه، بأنه منسوخ، وهو يعلم من علم الأصول أن النسخ لا
يقع في الأخبار وإنما في الأحكام! وذلك أنه لا يعقل أن يخبر الصادق المصدوق
عن شخص أنه في النار ثم ينسخ ذلك بقوله: إنه في الجنة! كما هو ظاهر معروف لدى
العلماء. ومن جموحه في ذلك أنه أعرض عن ذكر حديث مسلم عن أنس المطابق لحديث
الترجمة إعراضا مطلقا، ولم يشر إليه أدنى إشارة، بل إنه قد اشتط به القلم
وغلا، فحكم عليه بالضعف متعلقا بكلام بعضهم في رواية حماد بن سلمة! وهو يعلم
أنه من أئمة المسلمين وثقاتهم، وأن روايته عن ثابت صحيحة، بل قال ابن
المديني وأحمد وغيرهما: أثبت أصحاب ثابت حماد، ثم سليمان، ثم حماد بن زيد
، وهي صحاح. وتضعيفه المذكور كنت قرأته قديما جدا في رسالة له في حديث
الإحياء - طبع الهند - ولا تطولها يدي الآن لأنقل كلامه، وأتتبع عواره،
فليراجعها من شاء التثبت. ولقد كان من آثار تضعيفه إياه أنني لاحظت أنه أعرض
عن ذكره أيضا في شيء من كتبه الجامعة لكل ما هب ودب، مثل " الجامع الصغير "
و" زيادته " و " الجامع الكبير "! ولذلك خلا منه " كنز العمال " والله
المستعان، ولا حول ولا قوة إلا بالله. وتأمل الفرق بينه وبين الحافظ
البيهقي الذي قدم الإيمان والتصديق على العاطفة والهوى، فإنه لما ذكر حديث:
" خرجت من نكاح غير سفاح "، قال عقبه: " وأبواه كانا مشركين، بدليل ما
أخبرنا.. "، ثم ساق حديث أنس هذا وحديث أبي هريرة المتقدم في زيارة قبر أمه
صلى الله عليه وسلم.