هذا. وقد كنت برهة من الدهر أرى أن هذا الحديث ضعيف لظني أنه مما تفرد به
ابن قتيبة - كما قال البيهقي - ولم أكن قد وقفت عليه في " مسند أبي يعلى "
و" أخبار أصبهان ". فلما وقفت على إسناده فيهما تبين لي أنه إسناد قوي وأن
التفرد المذكور غير صحيح، ولذلك بادرت إلى إخراجه في هذا الكتاب تبرئة للذمة
وأداء للأمانة العلمية ولو أن ذلك قد يفتح الطريق لجاهل أو حاقد إلى الطعن
والغمز واللمز، فلست أبالي بذلك ما دمت أني أقوم بواجب ديني أرجو ثوابه من
الله تعالى وحده. فإذا رأيت أيها القارىء الكريم في شيء من تآليفي خلاف هذا
التحقيق، فأضرب عليه واعتمد هذا وعض عليه بالنواجذ، فإني لا أظن أنه يتيسر
لك الوقوف على مثله. والله ولى التوفيق.
ثم اعلم أن الحياة التي أثبتها هذا الحديث للأنبياء عليهم الصلاة والسلام،
إنما هي حياة برزخية، ليست من حياة الدنيا في شيء، ولذلك وجب الإيمان بها
دون ضرب الأمثال لها ومحاولة تكييفها وتشبيهها بما هو المعروف عندنا في حياة
الدنيا. هذا هو الموقف الذي يجب أن يتخذه المؤمن في هذا الصدد: الإيمان بما
جاء في الحديث دون الزيادة عليه بالأقيسة والآراء كما يفعل أهل البدع الذين
وصل الأمر ببعضهم إلى ادعاء أن حياته صلى الله عليه وسلم في قبره حياة حقيقية!
قال: يأكل ويشرب ويجامع نساءه! ! . وإنما هي حياة برزخية لا يعلم حقيقتها
إلا الله سبحانه وتعالى.
٦٢٢ - " من احتجم لسبع عشرة وتسع عشرة وإحدى وعشرين كان شفاء من كل داء ".
أخرجه أبو داود (٢ / ١٥١) وعنه البيهقي (٩ / ٣٤٠) :