وجملة القول: إن حديث أبي هريرة صحيح بشاهديه المذكورين.
وهو ظاهر الدلالة على أنه ليس من الآداب الإسلامية أن يقوم الرجل عن مجلسه
ليجلس فيه غيره، يفعل ذلك احتراما له، بل عليه أن يفسح له في المجلس وأن
يتزحزح له إذا كان الجلوس على الأرض بخلاف ما إذا كان على الكرسي، فذلك غير
ممكن، فالقيام والحالة هذه مخالف لهذا التوجيه النبوي الكريم. ولذلك كان
ابن عمر يكره أن يقوم الرجل من مجلسه، ثم يجلس هو فيه كما تقدم عن البخاري،
والكراهة هو أقل ما يدل عليه قوله " لا يقوم الرجل للرجل ... " فإنه نفي بمعنى
النهي، والأصل فيه التحريم لا الكراهة. والله أعلم.
ثم إنه لا منافاة بين هذا الحديث وبين حديث ابن عمر المتقدم في " الصحيح "،
لأن فيه زيادة حكم عليه، والأصل أنه يؤخذ بالزائد فالزائد من الأحكام،
وحديث ابن عمر إنما فيه النهي عن الإقامة، وليس فيه نهي الرجل عن القيام،
بخلاف هذا الحديث ففيه هذا النهي وليس فيه النهي الأول إلا ضمنا، فإنه إذا
كان قد نهي عن القيام فلأن ينهى عن الإقامة من باب أولى. وهذا بين لا يخفى إن
شاء الله تعالى، وعليه يدل حديث ابن عمر فإنه مع أنه روى النهي عن الإقامة
كان يكره الجلوس في مجلس من قام عنه له، وإن كان هو لم يقمه، ولعل ذلك سدا
للذريعة وخشية أن يوحي إلى الجالس بالقيام ولو لم يقمه مباشرة والله أعلم.
٢٢٩ - " إذا دخل أحدكم المسجد والناس ركوع، فليركع، حين يدخل ثم يدب راكعا حتى
يدخل في الصف، فإن ذلك السنة ".
رواه الطبراني في " الأوسط " (١ / ٣٣ / ١ من " زوائد المعجمين ": الأوسط
والصغير) :
حدثنا محمد بن نصر حدثنا حرملة بن يحيى حدثنا ابن وهب أخبرني ابن جريج عن عطاء
أنه سمع ابن الزبير على المنبر يقول: فذكره موقوفا.
قال عطاء: وقد رأيته يصنع ذلك، قال ابن جريج وقد رأيت عطاء يصنع ذلك.
قال الطبراني: