وقد روى ابن عساكر في
" تاريخه " (١٣ / ٢٦٤ / ٢) بسند صحيح عن عمرو بن دينار قال: دخل عمرو بن
العاص في حائط له بالطائف يقال له: (الوهط) (فيه) ألف ألف خشبة، اشترى كل
خشبة بدرهم! يعني يقيم بها الأعناب.
هذه بعض ما أثمرته تلك الأحاديث في جملتها من السلف الصالح رضي الله عنهم.
وقد ترجم البخاري في " صحيحه " للحديثين الأولين بقوله:
" باب فضل الزرع إذا أكل منه ".
قال ابن المنير:
" أشار البخاري إلى إباحة الزرع، وأن من نهى عنه كما ورد عن عمر فمحله ما إذا
شغل الحرث عن الحرب ونحوه من الأمور المطلوبة، وعلى ذلك يحمل حديث أبي أمامة
المذكور في الباب الذي بعده ".
قلت: سيأتي الكلام على الحديث المشار إليه في المقال الآتي إن شاء الله تعالى.
١٠ - عن أبي أمامة الباهلي قال - ورأى سكة وشيئا من آلة الحرث فقال: سمعت رسول
الله صلى الله عليه وسلم يقول:
" لا يدخل هذا بيت قوم إلا أدخله الله الذل ".
التكالب على الدنيا يورث الذل:
ذكرت في المقال السابق بعض الأحاديث الواردة في الحض على استثمار الأرض، مما
لا يدع مجالا للشك في أن الإسلام شرع ذلك للمسلمين ورغبهم فيه أيما ترغيب.
واليوم نورد بعض الأحاديث التي قد يتبادر لبعض الأذهان الضعيفة أو القلوب
المريضة أنها معارضة للأحاديث المتقدمة، وهي في الحقيقة غير منافية له،
إذا ما أحسن فهمها، وخلت النفس من اتباع هواها!