اطلاع الأولياء على
الغيب، والكل مخطئ. فالقصة صحيحة ثابتة وهي كرامة أكرم الله بها عمر، حيث
أنقذ به جيش المسلمين من الأسر أو الفتك به ولكن ليس فيها ما زعمه المتصوفة من
الاطلاع على الغيب، وإنما هو من باب الإلهام (في عرف الشرع) أو (التخاطر)
في عرف العصر الحاضر الذي ليس معصوما، فقد يصيب كما في هذه الحادثة وقد يخطئ
كما هو الغالب على البشر، ولذلك كان لابد لكل ولي من التقيد بالشرع في كل ما
يصدر منه من قول أو فعل خشية الوقوع في المخالفة، فيخرج بذلك عن الولاية التي
وصفها الله تعالى بوصف جامع شامل فقال: * (ألا إن أولياء الله لا خوف عليهم
ولا هم يحزنون. الذين آمنوا وكانوا يتقون) *. ولقد أحسن من قال:
إذا رأيت شخصا قد يطير وفوق ماء البحر قد يسير
ولم يقف على حدود الشرع فإنه مستدرج وبدعي
١١١١ - " أشبه ما رأيت بجبرائيل دحية الكلبي ".
أخرجه ابن سعد (٤ / ٢٥٠) عن ابن شهاب قال: قال رسول الله صلى الله عليه
وسلم: فذكره.
قلت: وإسناده صحيح إلا أنه مرسل، ابن شهاب وهو الزهري تابعي صغير. ولكن
له شاهد من حديث جابر بن عبد الله الأنصاري مرفوعا بلفظ: " عرض علي الأنبياء
... ". الحديث وفي آخره. " ورأيت جبريل، فإذا أقرب من رأيت به شبها دحية "
. أخرجه مسلم (١ / ١٠٦) وأحمد (٣ / ٣٣٤) وابن عساكر (١٧ / ١٥٥ / ١) من
طريق الليث عن أبي الزبير عنه. وأخرج ابن سعد أيضا عن ابن عمر قال: " كان
جبريل يأتي النبي صلى الله عليه وسلم في صورة دحية الكلبي ". وإسناده صحيح
على شرط مسلم، وبه أخرجه أحمد (٢ / ١٠٧) عقب حديث ابن عمر الآخر في مجيء
جبريل إلى النبي صلى الله عليه وسلم، وسؤاله إياه عن الإسلام والإيمان
والإحسان.