٢٣٠ - " زادك الله حرصا، ولا تعد ".
رواه أبو داود والطحاوي وأحمد والبيهقي وابن حزم من حديث أبي بكرة أنه
جاء ورسول الله صلى الله عليه وسلم راكع، فركع دون الصف، ثم مشى إلى الصف،
فلما قضى النبي صلى الله عليه وسلم صلاته، قال: أيكم الذي ركع دون الصف ثم
مشى إلى الصف؟ فقال أبو بكرة: أنا فقال النبي صلى الله عليه وسلم: فذكره.
قلت: وإسناده صحيح على شرط مسلم، وأصله في " صحيح البخاري " وقد خرجته في
" إرواء الغليل " (رقم ٦٨٤، ٦٨٥) .
والقصد من ذكره هنا أن ظاهره يدل على أنه لا يجوز الركوع دون الصف ثم المشي
إليه، على خلاف ما دل عليه الحديث السابق، فكيف التوفيق بينهما؟ فأقول:
إن هذا الحديث لا يدل على ما ذكر، إلا بطريق الاستنباط لا النص، فإن قوله صلى
الله عليه وسلم: " لا تعد " يحتمل أنه نهاه عن كل ما ثبت أنه في هذه الحادثة،
وقد تبين لنا بعد التتبع أنها تتضمن ثلاثة أمور:
الأول: اعتداده بالركعة التي إنما أدرك منها ركوعها فقط.
الثاني: إسراعه في المشي، كما في رواية لأحمد (٥ / ٤٢) من طريق أخرى عن
أبي بكرة أنه جاء والنبي صلى الله عليه وسلم راكع، فسمع النبي صلى الله عليه
وسلم صوت نعل أبي بكرة وهو يحضر (أي يعدو) يريد أن يدرك الركعة، فلما انصرف
النبي صلى الله عليه وسلم قال: من الساعي؟ قال أبو بكرة: أنا. قال: فذكره
وإسناده حسن في المتابعات، وقد رواه ابن السكن في " صحيحه " نحوه وفيه
قوله: " انطلقت أسعى ... " وأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " من الساعي
... " ويشهد لهذه الرواية رواية الطحاوي من الطريق الأولى بلفظ.
" جئت ورسول الله صلى الله عليه وسلم راكع، وقد حفزني النفس فركعت دون الصف.. " الحديث.