وهذه الآثار تدل على شيء آخر غير ما دل الحديث عليه. وهو أن من أدرك
الركوع مع الإمام فقد أدرك الركعة، وقد ثبت ذلك من قول ابن مسعود وابن عمر
بإسنادين صحيحين عنهما، وقد خرجتهما في " إرواء الغليل " (رقم ١١٩) وفيه
حديث حسن مرفوع عن أبي هريرة خرجته هناك.
وأما ما رواه البخاري في " جزء القراءة " (ص ٢٤) عن معقل بن مالك قال:
حدثنا أبو عوانة عن محمد بن إسحاق عن عبد الرحمن الأعرج عن أبي هريرة قال:
" إذا أدركت القوم ركوعا لم تعتد بتلك الركعة ".
فإنه مع مخالفته لتلك الآثار ضعيف الإسناد، من أجل معقل هذا، فإنه لم يوثقه
غير ابن حبان: وقال الأزدي: متروك، ثم إن فيه عنعنة ابن إسحاق وهو مدلس:
فسكوت الحافظ عليه في " التلخيص " (١٢٧) غير جيد.
نعم رواه البخاري من طريق أخرى عن ابن إسحاق قال: حدثني الأعرج به لكنه بلفظ:
" لا يجزئك إلا أن تدرك الإمام قائما ".
وهذا إسناد حسن، وهذا لا يخالف الآثار المتقدمة بل يوافقها في الظاهر إلا
أنه يشترط إدراك الإمام قائما، وهذا من عند أبي هريرة، ولا نرى له وجها،
والذين خالفوه أفقه منه وأكثر، ورضي الله عنهم جميعا.
فإن قيل: هناك حديث آخر صحيح يخالف بظاهره هذا الحديث وهو:
" زادك الله حرصا، ولا تعد ".