٢٤٨ - " أسلمت على ما أسلفت من خير ".
قال ابن حزم: فصح أن المرتد إذا أسلم، والكافر الذي لم يكن أسلم قط إذا
أسلما، فقد أسلما على ما أسلفا من الخير، وقد كان المرتد إذ حج وهو مسلم
قد أدى ما أمر به وما كلف كما أمر به، فقد أسلم الآن عليه فهو له كما كان.
وأما الكافر يحج كالصابئين الذين يرون الحج إلى مكة في دينهم، فإن أسلم بعد
ذلك لم يجزه لأنه لم يؤده كما أمر الله تعالى به، لأن من فرض الحج وسائر
الشرائع كلها أن لا تؤدى إلا كما أمر بها رسول الله محمد بن عبد الله عليه
السلام في الدين الذي جاء به الذي لا يقبل الله تعالى دينا غيره، وقال عليه
السلام:
" من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد ".
والصابئ إنما حج كما أمره يوراسف أو هرمس فلا يجزئه، وبالله تعالى التوفيق.
ويلزم من أسقط حجه بردته أن يسقط إحصانه وطلاقه الثلاث وبيعه وابتياعه
وعطاياه التي كانت في الإسلام، وهم لا يقولون بهذا، فظهر فساد قولهم،
وبالله تعالى نتأيد ".
وإذا تبين هذا فلا منافاة بينه وبين الحديث المتقدم برقم (٥٢) " أن الكافر
يثاب على حسناته ما عمل بها لله في الدنيا " لأن المراد به الكافر الذي سبق في
علم الله أنه يموت كافرا بدليل قوله في آخره: " حتى إذا أفضى إلى الآخرة لم
يكن له حسنة يجزى بها "، وأما الكافر الذي سبق في علم الله أنه يسلم ويموت
مؤمنا فهو يجازى على حسناته التي عملها حالة كفره في الآخرة، كما أفادته
الأحاديث المتقدمة، ومنها حديث حكيم بن حزام الذي أورده ابن حزم في كلامه
المتقدم وصححه ولم يعزه لأحد من المؤلفين، وقد أخرجه البخاري في " صحيحه "
(٤ / ٣٢٧، ٥ / ١٢٧، ١٠ / ٣٤٨) ومسلم (١ / ٧٩) وأبو عوانة في " صحيحه "
أيضا (١ / ٧٢ - ٧٣) وأحمد (٣ / ٤٠٢) .