غيرها، ولا حجة لهم فيها، لأن الله تعالى لم يقل فيها: لئن أشركت
ليحبطن عملك الذي عملت قبل أن تشرك، وهذه زيادة على الله لا تجوز، وإنما
أخبر تعالى أنه يحبط عمله بعد الشرك إذا مات أيضا على شركه، لا إذا أسلم،
وهذا حق بلا شك. ولو حج مشرك أو اعتمر أو صلى أو صام أو زكى لم يجزه شيء من
ذلك عن الواجب، وأيضا فإن قوله تعالى فيها: (ولتكونن من الخاسرين) بيان
أن المرتد إذا رجع إلى الإسلام لم يحبط ما عمل قبل إسلامه أصلا بل هو مكتوب له
ومجازى عليه بالجنة، لأنه لا خلاف بين أحد من الأمة في أن المرتد إذا رجع إلى
الإسلام ليس من الخاسرين بل من المربحين المفلحين الفائزين، فصح أن الذي يحبط
عمله هو الميت على كفره، مرتدا أو غير مرتد، وهذا هو من الخاسرين بلا شك،
لا من أسلم بعد كفره أو راجع الإسلام بعد ردته، وقال تعالى: (ومن يرتدد
منكم عن دينه فيمت وهو كافر فأولئك حبطت أعمالهم) فصح نص قولنا: من أنه لا
يحبط عمله إن ارتد إلا بأن يموت وهو كافر، ووجدنا الله تعالى يقول: (إني
لا أضيع عمل عامل منكم من ذكر أو أنثى) ، وقال تعالى: (فمن يعمل مثقال ذرة
خيرا يره) ، وهذا عموم لا يجوز تخصيصه، فصح أن حجه وعمرته إذا راجع الإسلام
سيراهما، ولا يضيعان له.
وروينا من طرق كالشمس عن الزهري وعن هشام بن عروة المعنى كلاهما عن عروة
بن الزبير أن حكيم بن حزام أخبره أنه قال لرسول الله عليه السلام: أي رسول
الله أرأيت أمورا كنت أتحنث بها في الجاهلية من صدقة أو عتاقة أو صلة رحم،
أفيها أجر؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
" أسلمت على ما أسلفت من خير ".