لكن ذكر له الحاكم شاهدا من طريق
ابن وهب، أخبرني ابن لهيعة، عن عبد الله بن أبي جعفر، عن نافع به.
وهذا سند صحيح، رجاله كلهم ثقات، وابن لهيعة وإن كان فيه كلام من قبل حفظه
فذلك خاص بما إذا كان من غير رواية العبادلة عنه، وابن وهب أحدهم.
قال عبد الغني بن سعيد الأزدي والساجي وغيرهما:
" إذا روى العبادلة عن ابن لهيعة فهو صحيح: ابن المبارك وابن وهب والمقريء ".
وبذلك يصير الحديث صحيحا. والحمد لله على توفيقه.
وفي هذا الحديث فضل ظاهر للمؤذن المثابر على أذانه هذه المدة المذكورة فيه
ولا يخفى أن ذلك مشروط بمن أذن خالصا لوجه الله تعالى، لا يبتغي من ورائه
رزقا، ولا رياء، ولا سمعة، للأدلة الكثيرة الثابتة في الكتاب والسنة،
التي تفيد أن الله تعالى لا يقبل من الأعمال إلا ما خلص له.
(راجع كتاب الرياء في أول " الترغيب والترهيب " للمنذري) .
وقد ثبت أن رجلا جاء إلى ابن عمر فقال: إني أحبك في الله، قال: فاشهد علي
أني أبغضك في الله! قال: ولم؟ قال: لأنك تلحن في أذانك، وتأخذ عليه
أجرا!
وإن مما يؤسف له حقا أن هذه العبادة العظيمة، والشعيرة الإسلامية، قد انصرف
أكثر علماء المسلمين عنها في بلادنا، فلا تكاد ترى أحدا منهم يؤذن في مسجد ما
إلا ما شاء الله، بل ربما خجلوا من القيام بها، بينما تراهم يتهافتون على
الإمامة، بل ويتخاصمون! فإلى الله المشتكى من غربة هذا الزمان.