قلت: وقد صرفهم جميعا الاختلاف في ثابت عن الانتباه للعلة الحقيقية في
الإسناد ألا وهي الانقطاع.
الثالثة على أني أرى أنه لو ذهب ذاهب إلى إعلاله بعتاب بن بشير بدل ثابت بن
عجلان لم يكن قد أبعد عن الصواب، فإنه دونه في الثقة كما يتبين ذلك بالرجوع
إلى ترجمتيهما من " التهذيب ". وحسبك دليلا على ذلك قول الحافظ في عتاب:
" صدوق يخطىء " وفي ثابت: " صدوق "!
وجملة القول أن هذا الإسناد ضعيف لانقطاعه وسوء حفظ عتاب. إلا أن المرفوع
منه يشهد له حديث خالد بن أسلم مولى عمر بن الخطاب قال: " خرجت مع عبد الله بن
عمر فلحقه أعرابي فقال له: قول الله: * (والذين يكنزون الذهب والفضة ولا
ينفقونها في سبيل الله) *؟ قال له ابن عمر: من كنزها فلم يؤد زكاتها فويل له
إنما كان هذا قبل أن تنزل الزكاة فلما أنزلت جعلها الله طهورا للأموال. ثم
التفت، فقال: ما أبالي لو كان لي أحد ذهبا أعلم عدده وأزكيه وأعمل فيه
بطاعة الله عز وجل ". أخرجه ابن ماجه (١٧٨٧) والبيهقي (٤ / ٨٢) من طريق
ابن شهاب حدثني خالد بن أسلم به. وعلقه البخاري (٣ / ٢٥٠) مختصرا.
وإسناده صحيح. وهو وإن كان موقوفا فهو في حكم المرفوع لأنه في أسباب النزول
وذلك لا يكون إلا بتوقيف من الرسول صلى الله عليه وسلم وحديث ابن عمر هذا هام
جدا في تفسير آية الإنفاق هذه فإن ظاهرها وجوب إنفاق جميع ما عند المسلم من
الذهب والفضة وقد أخذ بهذا الظاهر بعض الأحزاب الإسلامية في العصر الحاضر
ولم يلتفتوا إلى هذا الحديث المبين للمراد منها وأنها كانت قبل فرض الزكاة
المطهرة للأموال، فلما نزلت قيدت الآية وبينت أن المقصود منها إنفاق الجزء
المفروض على الأموال من الزكاة
وعلى ذلك دلت سائر الأحاديث التي وردت في الترهيب من منع الزكاة وكذلك سيرة
السلف الصالح فإن