وجوارح لما في ذلك من مشابهة المخلوقين، تعالى الله عن ذلك ليس
كمثله شيء ".
قلت: نعم ليس كمثله شيء ولكن لا يلزم من إثبات ما أثبته الله لنفسه من الصفات
شيء من التشبيه أصلا كما لا يلزم من إثبات ذاته تعالى التشبيه، فكما أن ذاته
تعالى لا تشبه الذوات وهي حق ثابت، فكذلك صفاته تعالى لا تشبه الصفات وهي
أيضا حقائق ثابتة تتناسب مع جلال الله وعظمته وتنزيهه، فلا محذور من نسبة
الساق إلى الله تعالى إذا ثبت ذلك في الشرع وأنا وإن كنت أرى من حيث الرواية
أن لفظ " ساق " أصح من لفظ " ساقه " فإنه لا فرق بينهما عندي من حيث الدراية
لأن سياق الحديث يدل على أن المعنى هو ساق الله تبارك وتعالى وأصرح الروايات
في ذلك رواية هشام عند الحاكم بلفظ: " هل بينكم وبين الله من آية تعرفونها؟
فيقولون: نعم الساق، فيكشف عن ساق ... ".
قلت: فهذا صريح أو كالصريح بأن المعنى إنما هو ساق ذي الجلالة تبارك وتعالى.
فالظاهر أن سعيد بن أبي هلال كان يرويه تارة بالمعنى حين كان يقول: " عن ساقه
". ولا بأس عليه من ذلك ما دام أنه أصاب الحق. وأن مما يؤكد صحة الحديث في
الجملة ذلك الشاهد عن ابن مسعود الذي ذكره البيهقي مرفوعا وإن لم أكن وقفت
عليه الآن مرفوعا وقد أخرجه ابن خزيمة في " التوحيد " (ص ١١٥) من طريق أبي
الزعراء قال: " ذكروا الدجال عند عبد الله، قال: تقترفون أيها الناس عند
خروجه ثلاث فرق ... فذكر الحديث بطوله: وقال: ثم يتمثل الله للخلق، فيقول:
هل تعرفون ربكم؟ فيقولون: سبحانه إذا اعترف لنا عرفناه فعند ذلك يكشف عن ساق
، فلا يبقى مؤمن ولا مؤمنة إلا خر لله ساجدا ".
قلت: ورجاله ثقات رجال الشيخين غير أبي الزعراء واسمه عبد الله ابن هانىء