قلت: ويتضح من هذا التحقيق أن أكثر الرواة على إثبات الواسطة بين ابن أبي
فديك وعبد العزيز بن المطلب، ولذلك فقول أبي حاتم في الوجه الأول: " إنه
أشبه "، ليس بالمقبول، وقد أشار الحافظ إلى رده بقوله في " التهذيب ":
" وقد سقط بين ابن أبي فديك وبين عبد العزيز واسطة ".
والموضع الآخر: الاختلاف في مسند الحديث إلى النبي صلى الله عليه وسلم هل هو
عبد الله بن حنطب أم أبوه حنطب؟ فقال ابن أبي فديك في جميع الروايات عنه: إنه
عبد الله، وقال جعفر بن مسافر عنه عن المغيرة بن عبد الرحمن: إنه حنطب، كما
تقدم في كلام الحافظ. ولا شك عندي أن الأول أرجح، لأنه رواية الأكثر،
فمخالفة جعفر بن مسافر، لا يعتد بها، لاسيما وقد تكلم فيه بعضهم من قبل حفظه
، كما يشير إلى ذلك قول الحافظ في " التقريب ": " صدوق ربما أخطأ ".
وقد خالفهم في موضع آخر من السند، وهو أنه جعل شيخ ابن أبي فديك المغيرة بن
عبد الرحمن، وذلك مما لم يذكره أحد منهم، لكن الخطب في هذه المخالفة سهل،
لأنه يمكن أن يكون المغيرة هذا من جملة أولئك الشيوخ الذين أشار إليهم دحيم في
روايته عن ابن أبي فديك.
ثم وجدت لجعفر متابعا عند ابن عبد البر في " الاستيعاب " (١ / ٤٠١ - النهضة)
وقال: " والمغيرة بن عبد الرحمن هذا هو الحزامي ضعيف، وليس بالمخزومي
الفقيه صاحب الرأي، وذلك ثقة ".
فإذا ترجح أن الحديث من مسند عبد الله بن حنطب، فهل هو صحابي أم لا؟ اختلفوا
في ذلك، وقد جزم بصحبته ابن عبد البر وهو مقتضى قوله في رواية الحاكم.