ويمكن أن يقال: لعل ابن عدي إنما أورده في ترجمة ابن أبي رواد لأن الحديث
معروف به، قد رواه عنه غير هذين، فقال ابن أبي حاتم في " العلل " (٢ / ٣٣١)
: " سئل أو زرعة عن حديث رواه أبو تقي قال: حدثني بقية قال: حدثني عبد العزيز
بن أبي رواد به ... فذكره بلفظ: (لا تبدأوا بالكلام قبل السلام، فمن بدأ
بالكلام قبل السلام، فلا تجيبوه) قال أبو زرعة: هذا حديث ليس له أصل، لم
يسمع بقية هذا الحديث من عبد العزيز إنما هو عن أهل حمص وأهل حمص لا يميزون
هذا ".
قلت: أبو تقي اسمه هشام بن عبد الملك ومن طريقه أخرجه أبو نعيم في " الحلية "
(٨ / ١٩٩) وقال: " غريب من حديث عبد العزيز لم نكتبه إلا من حديث بقية ".
قلت: ولم يصرح عنده بالتحديث، لكن قد صرح به في رواية أخرى، فقال ابن السني
في " عمل اليوم والليلة " (٢١٠) : أخبرنا العباس ابن أحمد الحمصي: حدثنا
كثير بن عبيد حدثنا بقية بن الوليد حدثنا ابن أبي رواد به مختصرا بلفظ:
" من بدأ بالكلام قبل السلام فلا تجيبوه ". وكثير بن عبيد هذا حمصي ثقة ومن
الصعب الاقتناع بأن مجرد كونه حمصيا - مع كونه ثقة - لا يميز بين قول بقية " عن
" وبين قوله " حدثنا "! ولذلك فإني أذهب إلى أن الحديث بهذا الإسناد حسن على
أقل الدرجات. والعباس بن أحمد الحمصي له ترجمة في " تاريخ ابن عساكر " (٨ /
٤٤٤ / ٢) ولم يذكر فيه جرحا ولا تعديلا لكن روى عنه جمع.
وقد روي من طرق أخرى عن نافع به ولكنها واهية.
فأخرجه الطبراني في " الأوسط " من طريق هارون بن محمد أبي الطيب عن عبد الله
العمري عنه. قال الهيثمي (٨ / ٣٢) : " وهارون بن محمد كذاب ".