للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

نفس وقتها الذي وقته الله له، فإن الوقت في حق هذا حين يستيقظ ويذكر، كما

قال صلى الله عليه وسلم: " من نسي صلاة فوقتها إذا ذكرها " رواه البيهقي

والدارقطني.

فالوقت وقتان: وقت اختيار، ووقت عذر، فوقت المعذور بنوم أو سهو، هو وقت

ذكره واستيقاظه، فهذا لم يصل الصلاة إلا في وقتها، فكيف يقاس عليه من صلاها

في غير وقتها عمدا وعدوانا؟ !

الثالث: أن الشريعة قد فرقت في مواردها ومصادرها بين العامد والناسي، وبين

المعذور وغيره، وهذا مما لا خفاء به. فإلحاق أحد النوعين بالآخر غير جائز.

الرابع: أنا لم نسقطها عن العامد المفرط ونأمر بها المعذور، حتى يكون ما

ذكرتم حجة علينا، بل ألزمنا بها المفرط المتعدي على وجه لا سبيل له إلى

استدراكها تغليظا عليه، وجوزنا للمعذور غير المفرط.

(فصل) :

وأما استدلالكم بقوله صلى الله عليه وسلم: " من أدرك ركعة من العصر قبل أن

تغرب الشمس فقد أدرك " فما أصحه من حديث. وما أراه على مقتضى قولكم! فإنكم

تقولون: هو مدرك للعصر، ولو لم يدرك من وقتها شيئا البتة.

بمعنى أنه مدرك لفعلها صحيحة منه، مبرئة لذمته، فلو كانت تصح بعد خروج وقتها

وتقبل منه، لم يتعلق إدراكها بركعة، ومعلوم أن النبي صلى الله عليه وسلم لم

يرد أن من أدرك ركعة من العصر صحت صلاته بلا إثم بل هو آثم بتعمد ذلك اتفاقا.

فإنه أمر أن يوقع جميعها في وقتها، فعلم أن هذا الادراك لا يرفع الإثم، بل هو

مدرك آثم، فلو كانت تصح بعد الغروب، لم يكن فرق بين أن يدرك ركعة من الوقت،

أو لا يدرك منها شيئا.

فإن قلتم: إذا أخرها إلى بعد الغروب كان أعظم إثما.

قيل لكم: النبي صلى الله عليه وسلم لم يفرق بين إدراك الركعة وعدمها في كثرة

الإثم وخفته،

<<  <  ج: ص:  >  >>