للحديث ثانيًا، ولذلك فتغاضي الشيخ شعيب عن هذه الحقيقة مما يتنافى مع الأمانة العلمية؛ لما يترتب عليه من قلب الحقائق، وإظهار الحديث الصحيح بمظهر الحديث المعلول!
ثانيًا: لا يجوز -في نقدي- تقديم نفي السماع على إثباته لمخالفته القاعدة المتفق عليها:"المثبت مقدم على النافي"، ولا سيما والنافي ليس عنده إلا تاريخ الوفاة التي لا سند لها إلا أقوال معلقة، والمثبت معه السند الصحيح! وكأنه لذلك أشار الحافظ المزي في "تهذيبه" إلى تضعيف الانقطاع المذكور، فقال -وقد ذكر رواية أبي قلابة عن حذيفة-:
"وقيل: لم يسمع منه".
ويشبه ما فعله الشيخ شعيب بهذا الحديث -إلى حد كبير- ما صنعه أصحابه الحنفية بحديث أبي هريرة في قصة ذي اليدين التي صرح فيها أبو هريرة بأنه كان حاضرها بقوله: صلى بنا النبي - صلى الله عليه وسلم - ... كما في البخاري (١٢٢٧) وغيره، فنفوا ذلك! متعلقين بقول الزهري المقطوع: إن ذا اليدين استشهد ببدر، وإسلام أبي هريرة كان بعد بدر بأربع سنين، فلم يشهد القصة، فردوا الصحيح بما لم يصح من قول الزهري، انظر "فتح الباري"(٣/٩٦-٩٧) .
على أنه لو فرض ثبوت تاريخ وفاة حذيفة وأبي قلابة فذلك لا يعني الانقطاع؛ إلا لو ثبت مع ذلك تاريخ ولادة أبي قلابة؛ بحيث يقطع أنه لم يدرك حذيفة في وقت التحمل على الأقل، وهيهات! فقد نفى ذلك الذهبي -وهو من أعلم الناس بالتاريخ- فقال في "سير الأعلام"(٤/٤٦٨) :
"ما علمت متى ولد". والله أعلم.
١٠- ٨٩٥- (أحب الطعام إلى الله ما كثرت عليه الأيدي) .