ولكن لا بد من تقديم بعض النماذج لتأكيد جنايته على السنة الصحيحة التي شملت أيضًا الأحاديث المتقدمة في هذا المجلد، وهذه أرقامها (٥٤٥ - م و٥٦٣ و٥٦٩ و٥٨٠ و٥٩٦ و٦٢٩ و٦٨٦ و٧١٨ و٧٦٤ - خ و٩٠٨ و٩١٩ و٩٢٢ و٩٢٧ و٩٣٨ و٩٤٣ و٩٤٦ و٩٥٤) .
فالحديث (٥٦٩) طعن فيه -هداه الله- بأن فيه انقطاعًا بين زرارة بن أوفي وعبد الله بن سلام مع أنه صرح بسماعه منه؛ ولكنه شكك فيه بقوله (ص ٥٢٨) :
"ما أراه يصح والله أعلم، ولا أدري الوهم ممن هو؟ أمن ابن أبي شيبة أم أبي أسامة؟! ".
يقول هذا وهو يعلم أن ابن أبي شيبة هو الثقة الحافظ صاحب كتاب "المصنف". وأبو أسامة هو حماد بن أسامة الثقة الثبت، وقد احتج البخاري في "تاريخه"(٢/١/٤٣٩) برواية ابن أبي شيبة هذه لإثبات سماع زرارة من ابن سلام، ودعمها برواية أخرى فقال: وقال سليمان عن حماد قال: ثنا زرارة قال: نا عبد الله بن سلام. وهذا إسناد صحيح متصل. فسليمان هو ابن حرب، وحماد هو ابن زيد، وكلاهما ثقة من رجال الشيخين. ثم روى البخاري بسند صحيح عن زرارة: حدثني تميم الداري. وتميم توفي قبل ابن سلام بثلاث سنين، فأين الوهم أيها الغارق في الوهم والإِيهام؟! فلا جرم أن أجمع العلماء على تصحيح هذا الحديث، فصرح بتصحيحه الترمذي والبغوي والحاكم والذهبي، وأقرهم المنذري والنووي والحافظ، وقد كتم هذا عن قرائه ليوهمهم أن لا معارض له! بل أنه فعل ذلك في كل الأحاديث التي ضعفها، ومن ذلك حديث "ضعيفته"(٩٣ - ما من أحد يسلم علي..) ، لما نقل عن ابن القيم في "جلاء الأفهام"(ص ١٩) إعلال ابن تيمية إياه لم يذكر أن ابن القيم قال: "وقد صح إسناد هذا الحديث"، وهذا خلاف ما عليه أهل السنة، أنهم حين ردهم على أهل البدعة يذكرون ما لهم وما عليهم، ثم يبينون الصواب من ذلك كما