الاستدراكات المتقدمة، وكأنه شعر مما حكاه من التعليل الذي ذكره شيخه وغيره وليس فيه ما تقوم به الحجة، فأراد هو أن يتظاهر بما لم تستطعه الأوائل! فقال (ص ٢٦٦) في أحد رواته إسماعيل بن أمية:
"لم يصرح بالتحديث".
قلت: وإسماعيل هذا ثقة ثبت كما قال الحافظ، وقد احتج به الشيخان، ولم يتهم بتدليس.
ومن هنا يتجلى خطورة ما عليه الشيخ شعيب من تشبثه في تضعيف الأحاديث الصحيحة بأوهى العلل، وتشجيعه للطلاب الذين يتمرنون على يديه في تخريج الأحاديث على تقليده في ذلك، وابتكار العلل التي لا حقيقة لها في التضعيف. والله المستعان.
ومعذرة إلى القراء فقد جرني البحث إلى الابتعاد عما كنت أريد الكتابة فيه، ألا وهو حديث هذا الاستدراك، فإنه من الأحاديث الأربعة الصحيحة التي ضعفها المومى إليه في رسيلته! (ص ٣٦-٣٧) بزعم أنه يخالف الأحاديث الصحيحة من رواية غير واحد من أصحابه - صلى الله عليه وسلم - أنه يخرج ناس من أمته من النار بالشفاعة!
قلت: فأكد بزعمه جهله بطريقة التوفيق بين الأحاديث التي يظهر لبعضهم التعارض بينها؛ والحقيقة أنه لا تعارض عند التأمل والابتعاد عن التظاهر بالتحقيق المزيف كما هو الواقع في هذا الحديث الصحيح، فإنه ليس المراد به كل فرد من أفراد الأمة، وإنما من كان منهم قد صارت ذنوبه مكفرة بما أصابه من البلايا في حياته؛ كما قال البيهقي في "شعب الإِيمان"(١/٣٤٢) :
"وحديث الشفاعة يكون فيمن لم تَصِر ذنوبه مكفرة في حياته".
قلت: فالحديث إذن من باب إطلاق الكل وإرادة البعض، أطلق "الأمة" وأراد بعضها؛ وهم الذين كفرت ذنوبهم بالبلايا ونحوها مما ذكر في الحديث، وما أكثر