فهل الأمر كذلك عنده بالنسبة للحافظ ابن حجر والذهبي والحاكم؟! فإن لم يكن كذلك، فكيف يستعلي عليهم وينسبهم بلسان الحال -ولسان الحال أنطق من لسان المقال في بعض الأحوال - إلى أنهم جهلوا ما علمه هو من النكارة؟!
ثم ليتأمل القراء في قوله عني: إنني صححت الحديث بطرقه، فإنه إذا رجع إلى تخريجي هناك فسيجد أنني خرجت الحديث أولًا من طريق المسعودي عن سعيد ابن أبي بردة ... ثم من طرق كثيرة عن أبي بردة به. فإذن الطرق مدارها على أبي بردة وحده.
وعليه، فقوله بأنني صححت الحديث لطرقه، كذب إن كان يدري معنى قول العلماء في الحديث:"صحيح لطرقه"، فإنه بمعنى قولهم:"صحيح لغيره".
ومن الواضح جدًا أن تصحيحي لغيره، لأنني لم أذكر طريقًا لغير أبي بردة، وتأكيدًا لهذا المعنى أضفت في هذه الطبعة الجديدة:"فهو إسناد صحيح جدًا"؛ لأن أبا بردة ثقة محتج به في "الصحيحين"، فهل كان كذبه هذا عمدًا تمويهًا على القراء وتضعيفًا للثقة بصحة الحديث؛ أو أنه لا يدري معنى ما قال؟! فما أحسن ما قيل في مثل هذه المناسبة:
فإن كنت لا تدري فتلك مصيبة ... وإن كنت تدري فالمصيبة أعظم
ثم وجدت لأبي بردة متابعًا قويًا، أخرجه القضاعي في "مسند الشهاب"(٢/١٠٠/٩٦٨) من طريق البختري بن المختار قال: سمعت أبا بكر وأبا بردة يحدثان عن أبيهما -يعني أبا موسى الأشعري- عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - به.
قلت: وهذا إسناد جيد، أبو بكر ثقة كأخيه أبي بردة، والبختري بن المختار وثقه وكيع وابن المديني، وهو من رجال مسلم، وقال الذهبي والحافظ العسقلاني:
" صدوق ".
هذا؛ وقد بقي شيء كدت أن أنساه، وهو قول المغرور عقب ما تقدم نقله عنه