اقتصر على قوله:"في أسانيدها نظر". فأين البيان المزعوم؟!
والحقيقة أن في أكثر الطرق التي أشار البخاري إليها بتسميته لرواتها الذين دارت الطرق عليهم، وعددهم أحد عشر راويًا، أكثرهم ضعفاء، ولذلك حذفتهم مشيرًا إلى ذلك بالنقط ( ... ) وأبقيت الثلاثة الذين تراهم؛ لأنهم ثقات محتج بهم كما تقدم؛ إلا طلحة بن يحيى فلم يسبق له ذكر، وهو ثقة من رجال مسلم فيه كلام يسير، أشار إليه الحافظ بقوله:
"صدوق يخطىء".
وقد أخرج حديثه وحديث الآخرين الذين سردهم البخاري آنفًا في "التاريخ الكبير"(١/١/٣٧-٣٩) ، ولكنه لم يسق ألفاظ جميعهم، وختم ذلك بقوله:
"ألفاظهم مختلفة إلا أن المعنى قريب".
قلت: وليس بخاف على الخبير بهذا العلم وما ذكره العلماء في باب الشواهد والمتابعات أن اتفاق مثل هذا العدد الغفير على رواية هذا الحديث عن أبي بردة عن أبي موسى يجعل الحديث صحيحًا، بل ومتواترًا عن أبي بردة، حتى ولو فرضنا أنهم جميعًا ضعفاء، فكيف وفيهم أولئك الثقات الثلاثة؟!
وجملة القول: إن الرجل قد أساء جدًا في اعتباره هذا الحديث الصحيح سندًا مثالًا لما ينتقد متنًا، لأنه قد دل بذلك على جهل بالغ بطرق التوفيق بين الأحاديث، كما أساء في ذكره حديث خلق التربة مثالًا آخر لما ذكر، وإن كان مسبوقًا إليه، فإنه مقلد لا يميز الخطأ من الصواب.
ثم إنه لم يقف جهله وتعديه على الأحاديث الصحيحة إلى هذا الحد؛ بل ضعف حديثين آخرين بدعوى الشذوذ، أحدهما: حديث وائل في تحريك الإصبع في التشهد، مع أنني كنت رددت على من سبقه إلى ذلك من بعض من يماثله في الجهل بهذا العلم في "تمام المنة"، ثم رددت عليه خاصة فيما زعم من تفرد زائدة بن