(١ / ٩٥ - ٩٦) وختم البحث بقوله:
" ولأن ذلك إجماع المسلمين، فإننا لا نعلم في عصر من الأعصار أحدا من تاركي
الصلاة، ترك تغسيله والصلاة عليه، ولا منع ميراث موروثه مع كثرة تاركي
الصلاة، ولو كفر لثبتت هذه الأحكام. وأما الأحاديث المتقدمة، فهي على وجه
التغليظ والتشبيه بالكفار لا على الحقيقة، كقوله عليه الصلاة والسلام:
" سباب المسلم فسوق، وقتاله كفر "، وقوله " من حلف بغير الله فقد أشرك "
وغير ذلك. قال الموفق: وهذا أصوب القولين ".
أقول: نقلت هذا النص من " الحاشية " المذكورة، ليعلم بعض متعصبة الحنابلة،
أن الذي ذهبت إليه، ليس رأيا لنا تفردنا به دون أهل العلم، بل هو مذهب
جمهورهم، والمحققين من علماء الحنابلة أنفسهم، كالموفق هذا، وهو ابن قدامة
المقدسي، وغيره، ففي ذلك حجة كافية على أولئك المتعصبة، تحملهم إن شاء الله
تعالى، على ترك غلوائهم، والاعتدال في حكمهم.
بيد أن هنا دقيقة، قل من رأيته تنبه لها، أو نبه عليها، فوجب الكشف عنها
وبيانها.
فأقول: إن التارك للصلاة كسلا إنما يصح الحكم بإسلامه، ما دام لا يوجد هناك
ما يكشف عن مكنون قلبه، أو يدل عليه، ومات على ذلك، قبل أن يستتاب كما هو
الواقع في هذا الزمان، أما لو خير بين القتل والتوبة بالرجوع إلى المحافظة
على الصلاة، فاختار القتل عليها، فقتل، فهو في هذه الحالة يموت كافرا،
ولا يدفن في مقابر المسلمين، ولا تجري عليه أحكامهم، خلافا لما سبق عن
السخاوي لأنه لا يعقل - لو كان غير جاحد لها في قلبه - أن يختار القتل عليها،
هذا أمر مستحيل، معروف بالضرورة من طبيعة الإنسان، لا يحتاج إثباته إلى برهان.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى في " مجموعة الفتاوى " (٢ / ٤٨) :