بن عمر
والواقدي وهما كذابان، ومدار إحداها على مالك عن نافع به نحوه. قال ابن
كثير: " في صحته من حديث مالك نظر ". ورواه ابن الأثير في " أسد الغابة "
(٥ / ٦٥) عن فرات بن السائب عن ميمون بن مهران عن ابن عمر عن أبيه أنه كان
يخطب يوم الجمعة على منبر رسول الله صلى الله عليه وسلم فعرض له في خطبته أنه
قال: يا سارية بن حصن الجبل الجبل، من استرعى الذئب ظلم فتلفت الناس بعضهم
إلى بعض فقال علي: صدق والله ليخرجن مما قال، فلما فرغ من صلاته قال له علي
: ما شيء سنح لك في خطبتك؟ قال: وما هو؟ قال: قولك: يا سارية الجبل الجبل
، من استرعى الذئب ظلم، قال: وهل كان ذلك مني؟ قال: نعم وجميع أهل المسجد
قد سمعوه، قال إنه وقع في خلدي أن المشركين هزموا إخواننا فركبوا أكتافهم،
وأنهم يمرون بجبل، فإن عدلوا إليه قاتلوا من وجدوا وقد ظفروا وإن جازوا
هلكوا، فخرج مني ما تزعم أنك سمعته. قال: فجاء البشير بالفتح بعد شهر فذكر
أنه سمع في ذلك اليوم في تلك الساعة حين جاوزوا الجبل صوتا يشبه صوت عمر يقول:
يا سارية بن حصن الجبل الجبل، قال: فعدلنا إليه ففتح الله علينا.
قلت: وهذا سند واه جدا، فرات بن السائب، قال البخاري: " منكر الحديث ".
وقال الدارقطني وغيره: " متروك "، وقال أحمد " قريب من محمد بن زياد
الطحان، يتهم بما يتهم به ذاك ". (١)
فتبين مما تقدم أنه لا يصح شيء من هذه الطرق إلا طريق ابن عجلان وليس فيه إلا
مناداة عمر " يا سارية الجبل " وسماع الجيش لندائه وانتصاره بسببه.
ومما لا شك فيه أن النداء المذكور إنما كان إلهاما من الله تعالى لعمر وليس
ذلك بغريب عنه، فأنه " محدث " كما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم ولكن ليس
فيه أن عمر كشف له حال الجيش، وأنه رآهم رأي العين، فاستدلال بعض المتصوفة
بذلك على ما يزعمونه من الكشف للأولياء وعلى إمكان اطلاعهم على ما في القلوب
(١) فلا يغتر بإيراد النووي لهذه القصة بهذا التمام في " تهذيب الأسماء " (٢ / ١٠) ، وقلده الأستاذ الطنطاوي في " سيرة عمر "، فإنهم يتساهلون في مثلها. اهـ.