" من شهد أن لا إله إلا الله مخلصا
من قلبه، أو يقينا من قلبه لم يدخل النار، أو دخل الجنة. وقال مرة: دخل
الجنة ولم تمسه النار ". وإسناده صحيح على شرط الشيخين. وقد ترجم البخاري
رحمه الله لحديث معاذ بقوله: " باب من خص بالعلم قوما دون قوم كراهية أن لا
يفهموا، وقال علي: حدثوا الناس بما يعرفون، أتحبون أن يكذب الله ورسوله "
. ثم ساق إسناده بذلك وزاد آدم بن أبي إياس في " كتاب العلم " له: " ودعوا
ما ينكرون ". أي ما يشتبه عليهم فهمه. ومثله قول ابن مسعود: " ما أنت بمحدث
قوما حديثا لا تبلغه عقولهم إلا كان لبعضهم فتنة ". رواه مسلم (١ / ٩) . قال
الحافظ: " وممن كره التحديث ببعض دون بعض أحمد في الأحاديث التي ظاهرها
الخروج على السلطان ومالك في أحاديث الصفات، وأبو يوسف في الغرائب. ومن
قبلهم أبو هريرة كما تقدم عنه في الجرابين وأن المراد ما يقع من الفتن.
ونحوه عن حذيفة. وعن الحسن أنه أنكر تحديث أنس للحجاج بقصة العرنيين لأنه
اتخذها وسيلة إلى ما كان يعتمده من المبالغة في سفك الدماء بتأويله الواهي.
وضابط ذلك أن يكون ظاهر الحديث يقوي البدعة، وظاهره في الأصل غير مراد،
فالإمساك عنه عند من يخشى عليه الأخذ بظاهره مطلوب. والله أعلم ".
هذا وقد اختلفوا في تأويل حديث الباب وما في معناه من تحريم النار على من قال
لا إله إلا الله على أقوال كثيرة ذكر بعضها المنذري في " الترغيب " (٢ / ٢٣٨)
وترى سائرها في " الفتح ". والذي تطمئن إليه النفس وينشرح له الصدر وبه
تجتمع الأدلة ولا تتعارض، أن تحمل على أحوال ثلاثة:
الأولى: من قام بلوازم الشهادتين من التزام الفرائض والابتعاد عن الحرمات،
فالحديث حينئذ على ظاهره، فهو يدخل الجنة وتحرم عليه النار مطلقا.
الثانية: أن يموت عليها، وقد قام بالأركان الخمسة ولكنه ربما تهاون