والثالثة: ينظر إليها كلها عورة وغيرها، فإنه نص على أنه يجوز أن ينظر
إليها متجردة! "
قلت: والرواية الثانية هي الأقرب إلى ظاهر الحديث، وتطبيق الصحابة له
والله أعلم.
وقال ابن قدامة في " المغني " (٧ / ٤٥٤) :
" ووجه جواز النظر (إلى) ما يظهر غالبا أن النبي صلى الله عليه وسلم لما أذن
في النظر إليها من غير علمها، علم أنه أذن في النظر إلى جميع ما يظهر عادة،
إذ لا يمكن إفراد الوجه بالنظر مع مشاركة غيره له في الظهور، ولأنه يظهر
غالبا فأبيح النظر إليه كالوجه، ولأنها امرأة أبيح له النظر إليها بأمر
الشارع، فأبيح النظر منها إلى ذلك كذوات المحارم ".
ثم وقفت على كتاب " ردود على أباطيل " لفضيلة الشيخ محمد الحامد، فإذا به يقول
(ص ٤٣) :
" فالقول بجواز النظر إلى غير الوجه والكفين من المخطوبة باطل لا يقبل ".
وهذه جرأة بالغة من مثله ما كنت أترقب صدورها منه، إذ أن المسألة خلافية كما
سبق بيانه، ولا يجوز الجزم ببطلان القول المخالف لمذهبه إلا بالإجابة عن حجته
ودليله كهذه الأحاديث، وهو لم يصنع شيئا من ذلك، بل إنه لم يشر إلى
الأحاديث أدنى إشارة، فأوهم القراء أن لا دليل لهذا القول أصلا، والواقع
خلافه كما ترى، فإن هذه الأحاديث بإطلاقها تدل على خلاف ما قال فضيلته، كيف
لا وهو مخالف لخصوص قوله صلى الله عليه وسلم في الحديث (٩٩) : " ما يدعوه
إلى نكاحها "، فإن كل ذي فقه