قلت: وكون عبد الله هذا هو العمري، هو الذي يترجح عندي خلافا لقول الهيثمي
في " المجمع " (٨ / ٦٣) : " رواه أحمد، وفيه عبد الله بن سعيد المقبري وهو
متروك ".
قلت: والذي حمله على الجزم بأنه عبد الله المقبري كونه مشهورا بالرواية عن
أبيه سعيد المقبري. فذهب وهله إلى ذلك، لكن العمري هو أيضا ممن يروي عن سعيد
المقبري، فكان لابد من دليل آخر يرجح كونه هذا أو ذاك، ودليلي على مارجحته،
هو أن الإمام أحمد رحمه الله ساق هذا الحديث بين أحاديث أخرى لسريج حدثنا عبد
الله عن نافع عن ابن عمر، وعبد الله فيها هو العمري قطعا، لكثرة روايته أولا
نافع ولأن عبد الله المقبري لم يذكروا له رواية عن نافع ثانيا، والله أعلم.
وظني أن الحافظ بن حجر يذهب إلى هذا الذي رجحته، فإنه ذكر الحديث في " الفتح
" (١١ / ٧٠) من رواية أحمد هذه، وسكت عنه، ومعلوم عند أهل المعرفة بهذا
الشأن أن سكوت الحافظ هذا يعني أنه حسن، فلو كان يرى أنه المقبري لم يسكت عليه
إن شاء الله تعالى بل ولبين حاله، فإنه متروك متهم بالكذب. والله تعالى
أعلم. وقد تابعه داود بن قيس قال: سمعت سعيد المقبري يقول: فذكره بنحوه إلا
أنه لم يرفع الحديث وزاد: " فقلت: أصلحك الله يا أبا عبد الرحمن! إنما رجوت
أن أسمع منكما خيرا. وداود بن قيس هذا هو الفراء ثقة من رجال مسلم، فروايته
أصح، لكني وجدت للمرفوع طريقا أخرى يتقوى بها، أخرجه أبو نعيم في " الحلية "
(٨ / ١٩٨) من طريق إبراهيم بن يوسف الحضرمي (الأصل: المصري وهو تصحيف)
حدثنا عمران بن عيينة عن عبد العزيز بن أبي رواد عن نافع عن ابن عمر قال: قال
رسول الله صلى الله عليه وسلم: " لا يجلس الرجل إلى الرجلين إلا على إذن منهما
إذا كانا يتناجيان ". وقال: " غريب من حديث عبد العزيز، وعمران أخي سفيان
تفرد به إبراهيم ابن يوسف فيما ذكره أبو الحسن الحافظ الدارقطني ".