ثابتاً- فإنه لم يقل ذلك، وقد أخرجه في موضع آخر من "المسند"(٥/٢٥٦) ، وهذا الكذب يعرفه كل مشتغل بهذا العلم الشريف، فإن الإمام أحمد رحمه الله ليس من عادته في مسنده التصحيح. ولقد خطر في البال أنه لم يحسن التعبير، أراد أن يقول: وقال الترمذي: "إسناده صحيح"، ولكن الترمذي لم يقل ذلك أيضاً، وإنما قال:"حسن صحيح"، والفرق بين العبارتين لا يخفى على أهل العلم.
ولهذا الرجل أخطاء كثيرة، وأكاذيب أخرى، وبخاصة على إخواننا السلفيين، لا مجال لذكرها أو الإشارة إليها في هذه المقدمة؛ فإنها حديثية محضة، ولعله يُتاح لنا ذلك في فرصة أخرى إن شاء الله.
وجملة القول: إنني أطلت الكلام في الشيخ الصابوني بصورة خاصة من بين المخالفين من المعاصرين، لأنه يصلح مثالاً لجمهورهم الذين لا يحسنون من هذا العلم حتى ولا مجرد النقل، وزاد عليهم في كثرة أوهامه وأكاذيبه، فلا يقام لأمثاله وزن في هذا العلم الشريف.
وهذا لا يمنعني من أن أعترف أن هناك بعض الرجال المتأخرين لهم فضلهم الظاهر في هذا العلم، نستفيد كثيراً من تحقيقاتهم وتعليقاتهم، كأمثال الشيخ أحمد شاكر رحمه الله وغيره من الأفاضل. والله ولي التوفيق.
وفي الختام لا بد لي من أن أشكر كل من ساعدني في تبييض هذا المجلد وتقديمه إلى المطبعة وتصحيح تجاربه ووضع فهارسه، وبخاصة ابنتي أنيسة أم عبد الله جزاها الله خيراً، وبارك فيها وفي زوجها وذريتهما، فإنها ساعدتني كثيرا في تصحيح التجارب وكتابة بطاقات الفهارس، فوفرت عليَّ بذلك وقتاً كثيراً وجهداً عظيماً.