للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

فقه الحديث

يدل ظاهر الأمر في قوله صلى الله عليه وسلم: " فصلوها " على وجوب صلاة الوتر،

وبذلك قال الحنفية، خلافا للجماهير، ولولا أنه ثبت بالأدلة القاطعة حصر

الصلوات المفروضات في كل يوم وليلة بخمس صلوات لكان قول الحنفية أقرب إلى

الصواب، ولذلك فلابد من القول بأن الأمر هنا ليس للوجوب، بل لتأكيد

الاستحباب.

وكم من أوامر كريمة صرفت من الوجوب بأدنى من تلك الأدلة القاطعة، وقد انفك

الأحناف عنها بقولهم إنهم لا يقولون بأن الوتر واجب كوجوب الصلوات الخمس، بل

هو واسطة بينها وبين السنن، أضعف من هذه ثبوتا، وأقوى من تلك تأكيدا!

فليعلم أن قول الحنفية هذا قائم على اصطلاح لهم خاص حادث، لا تعرفه الصحابة

ولا السلف الصالح، وهو تفريقهم بين الفرض والواجب ثبوتا وجزاء كما هو مفصل

في كتبهم.

وإن قولهم بهذا معناه التسليم بأن تارك الوتر معذب يوم القيامة عذابا دون عذاب

تارك الفرض كما هو مذهبهم في اجتهادهم، وحينئذ يقال لهم: وكيف يصح ذلك مع

قوله صلى الله عليه وسلم لمن عزم على أن لا يصلي غير الصلوات الخمس: " أفلح

الرجل "؟ ! وكيف يلتقي الفلاح مع العذاب؟ ! فلا شك أن قوله صلى الله عليه

وسلم هذا وحده كاف لبيان أن صلاة الوتر ليست بواجبة ولهذا اتفق جماهير العلماء

عى سنيته وعدم وجوبه، وهو الحق، نقول هذا مع التذكير والنصح بالاهتمام

بالوتر، وعدم التهاون عنه لهذا الحديث وغيره. والله أعلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>