وأقول: هو كما قال، ولكن ألا يصدق فيه قوله صلى الله عليه وسلم في قصة
شيطان أبي هريرة: " صدقك وهو كذوب "، فإن هذا الحديث ثابت، عنه صلى الله
عليه وسلم من طرق كثيرة عن جمع من الصحابة، منها طريق أبي الصديق التي أشار
إليها البزار، غاية ما في الأمر أن يكون داود بن المحبر كذب خطأ أو عمدا في
إسناده الحديث إلى والد معاوية بن قرة فإن المحفوظ أنه من رواية معاوية بن قرة
عن أبي الصديق الناجي عن أبي سعيد الخدري به. هكذا أخرجه الحاكم (٤ / ٤٦٥)
من طريق عبد الحميد بن عبد الرحمن الحماني حدثنا عمر (وفي " تلخيص المستدرك "
: عمرو) بن عبيد الله العدوي عن معاوية بن قرة عن أبي الصديق الناجي عن أبي
سعيد الخدري مرفوعا به أتم منه وقال: " صحيح الإسناد "!
قلت: ورده الذهبي بقوله: " قلت: سنده مظلم ". وكأنه يشير إلى جهالة
العدوي هذا، فإني لم أجد من ترجمه، لا فيمن اسمه (عمر) ولا في (عمرو) .
لكن رواية معمر عن هارون - وهو ابن رئاب - التي علقها البزار، تدل على أنه قد
حفظه عن معاوية، وهذا هو الصواب الذي نقطع به لأن لمعاوية متابعات كثيرة بل
هو عندي متواتر عن أبي الصديق عن أبي سعيد الخدري، أصحها طريقان عنه:
الأولى: عوف بن أبي جميلة حدثنا أبو الصديق الناجي عن أبي سعيد مرفوعا بلفظ:
" لا تقوم الساعة حتى تملأ الأرض ظلما وجورا وعدوانا، ثم يخرج رجل من عترتي
أو من أهل بيتي يملؤها قسطا وعدلا، كما ملئت ظلما وعدوانا ". أخرجه أحمد (
٣ / ٣٦) وابن حبان (١٨٨٠) والحاكم (٤ / ٥٥٧) وأبو نعيم في " الحلية " (
٣ / ١٠١) ، وقال الحاكم: