قلت: لكن سيار الواسطي لم أعرفه. وعباد بن كثير إن كان الرملي فضعيف، وإن
كان البصري فمتروك. وله شاهد موقوف أخرجه ابن نصر في " قيام الليل " (ص ٤٠)
عن مجاهد: " بلغ عمر رضي الله عنه أن عاملا له لا يقيل، فكتب إليه: أما بعد
فقل، فإن الشيطان لا يقيل ". ولم يذكر مختصره المقريزي إسناده لننظر في
رجاله، وهو منقطع بين مجاهد وعمر، وقد سكت عنه السخاوي في " المقاصد
الحسنة " (ص ٥٦) .
(تنبيه) لقد ظلم هذا الحديث من قبل من خرجه من العلماء قبلي، ممن وقفت على
كلامهم فيه كالحافظ بن حجر في " الفتح "، وتلميذه السخاوي في " المقاصد "،
ومقلده العجلوني في " كشف الخفاء " (١ / ١٢٠) ، فإنهم جميعا عزوه للطبراني فقط
وأعله الأولان منهم بكثير بن مروان، وتبعهم على ذلك المناوي فقال في " فيض
القدير ": رمز المصنف لحسنه، وليس كما ذكر، فقد قال الهيثمي: فيه كثير بن
مروان وهو كذاب. اهـ، وقال في " الفتح ": في سنده كثير بن مروان متروك "
قلت: والمناوي أكثرهم جميعا بعدا عن الصواب، فإن كلامه هذا الذي يرد به على
السيوطي. تحسينه إياه صريح أو كالصريح في أن هذا المتروك في إسناد أبي نعيم
أيضا، وليس كذلك كما عرفت من هذا التخريج، ولذلك فالمناوي مخطئ أشد خطأ،
والصواب هنا في هذه المرة مع السيوطي لأن الإسناد الأول حسن إما لذاته كما
نذهب إليه، وإما لغيره وهذا أقل ما يقال فيه، وشاهده الذي يصلح للاستشهاد
إنما هو حديث عمر، وهو وإن كان موقوفا فمثله لا يقال من قبل الرأي، بل فيه
إشعار بأن هذا الحديث كان معروفا عندهم، ولذلك لم يجد عمر رضي الله عنه ضرورة
للتصريح برفعه. والله أعلم.