أسباط بن نصر قال: زعم السدي عن مصعب بن سعد عن سعد قال: لما كان يوم فتح مكة
اختبأ عبد الله بن سعد بن أبي سرح عند عثمان بن عفان، فجاء به حتى أوقفه على
النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله بايع عبد الله، فرفع رأسه،
فنظر إليه ثلاثا، كل ذلك يأبى، فبايعه بعد ثلاث، ثم أقبل على أصحابه فقال:
" أما كان فيكم رجل رشيد، يقوم إلى هذا حيث رآني كففت يدي عن بيعته فيقتله؟ "
. فقالوا: ما ندري يا رسول الله ما في نفسك، ألا أومأت إلينا بعينك؟ قال:
فذكره. وقال الحاكم: " صحيح على شرط مسلم ". ووافقه الذهبي، وهو كما
قالا، إلا أن أسباط بن نصر وأحمد بن المفضل قد تكلم فيهما بعض الأئمة من جهة
حفظهما، لكن الحديث له شاهد يتقوى به، يرويه نافع أبو غالب عن أنس قال:
" غزوت مع النبي صلى الله عليه وسلم حنينا فخرج المشركون، فحملوا علينا حتى
رأينا خيلنا وراء ظهورنا، وفي القوم رجل يحمل علينا فيدقنا ويحطمنا، فهزمهم
الله، وجعل يجاء بهم فيبايعونه على الإسلام، فقال رجل من أصحاب النبي صلى
الله عليه وسلم: إن علي نذرا إن جاء الله بالرجل الذي كان منذ اليوم يحطمنا
لأضربن عنقه، فسكت رسول الله صلى الله عليه وسلم، وجيء بالرجل، فلما رأى
رسول الله قال: يا رسول الله تبت إلى الله، فامسك رسول الله صلى الله عليه
وسلم لا يبايعه، ليفي الآخر بنذره: فجعل الرجل يتصدى لرسول الله صلى الله
عليه وسلم ليأمره بقتله، وجعل يهاب رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يقتله،
فلما رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه لا يصنع بايعه، فقال الرجل: يا
رسول الله نذري، فقال: " إني لم أمسك عنه منذ اليوم إلا لتوفي بنذرك "، فقال
: يا رسول الله ألا أومضت إلي؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم: " إنه ليس
لنبي أن يومض ".