للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

٥ - أن الرجل إذا أئتم بالرجل وقف عن يمين الإمام، والظاهر أنه يقف محاذيا له

لا يتقدم عليه ولا يتأخر، لأنه لو كان وقع شيء من ذلك لنقله الراوي، لاسيما

وأن الاقتداء به صلى الله عليه وسلم من أفراد الصحابة قد تكرر، فإن في الباب

عن ابن عباس في الصحيحين وعن جابر في مسلم وقد خرجت حديثيهما في " إرواء

الغليل " (٥٣٣) ، وقد ترجم البخاري لحديث ابن عباس بقوله:

" باب يقوم عن يمين الإمام بحذائه سواء، إذا كانا اثنين ".

قال الحافظ في " الفتح " (٢ / ١٦٠) :

" قوله: سواء " أي لا يتقدم ولا يتأخر، وكأن المصنف أشار بذلك إلى ما وقع

في بعض طرقه عن ابن عباس فلفظ: " فقمت إلى جنبه " وظاهرة المساواة. وروى

عبد الرزاق عن ابن جريج قال: قلت لعطاء: الرجل يصلي مع الرجل أين يكون منه؟

قال: إلى شقه الأيمن، قلت: أيحاذي به حتى يصف معه لا يفوت أحدهما الآخر؟

قال: نعم قلت: أتحب أن يساويه حتى لا تكون بينهما فرجة؟ قال: نعم.

وفي " الموطأ " عن عبد الله بن عتبة بن مسعود قال: دخلت على عمر ابن الخطاب

بالهاجرة فوجدته يسبح، فقمت وراءه، فقربني حتى جعلني حذاءه عن يمينه ".

قلت: وهذا الأثر في " الموطأ " (١ / ١٥٤ / ٣٢) بإسناد صحيح عن عمر رضي الله

عنه، فهو مع الأحاديث المذكورة حجة قوية على المساواة المذكورة، فالقول

باستحباب أن يقف المأموم دون الإمام قليلا، كما جاء في بعض المذاهب على تفصيل

في ذلك لبعضها - مع أنه مما لا دليل عليه في السنة، فهو مخالف لظواهر هذه

الأحاديث، وأثر عمر هذا، وقول عطاء المذكور، وهو الإمام التابعي الجليل

ابن أبي رباح، وما كان من الأقوال كذلك فالأحرى بالمؤمن أن يدعها لأصحابها،

معتقدا أنهم مأجورون عليها، لأنهم اجتهدوا قاصدين إلى الحق، وعليه هو أن

يتبع ما ثبت في السنة، فإن خير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>