أن الزكاة إنما تؤخذ من المؤمنين، لكن الحديث
أصرح منها دلالة على ذلك ...
وإن من يدرس السيرة النبوية، وتاريخ الخلفاء الراشدين وغيرهم من خلفاء
المسلمين وملوكهم يعلم يقينا أنهم لم يكونوا يأخذون الزكاة من غير المسلمين من
المواطنين، وإنما كانوا يأخذون منهم الجزية كما ينص عليها الكتاب والسنة.
فمن المؤسف أن ينحرف بعض المتفقهة عن سبيل المؤمنين باسم الإصلاح تارة.
والعدالة الاجتماعية تارة، فينكروا ما ثبت في الكتاب والسنة وجرى عليه عمل
المسلمين بطرق من التأويل أشبه ما تكون بتأويلات الباطنيين من جهة، ومن جهة
أخرى يثبتون، ما لم يكونوا يعرفون، بل ما جاء النص بنفيه. والأمثلة على ذلك
كثيرة، وحسبنا الآن هذه المسألة التي دل عليها هذا الحديث وكذا الآية
الكريمة، فقد قرأنا وسمعنا أن بعض الشيوخ اليوم يقولون: بجواز أن تأخذ
الدولة الزكاة من أغنياء جميع المواطنين على اختلاف أديانهم مؤمنهم وكافرهم،
ثم توزع على فقرائهم دون أي تفريق، ولقد سمعت منذ أسابيع معنى هذا من أحد
كبار مشايخ الأزهر في ندوة تلفزيونية كان يتكلم فيها عن الضمان الاجتماعي في
الإسلام، ومما ذكره أن الاتحاد القومي في القاهرة سيقوم بجمع الزكاة من جميع
أغنياء المواطنين. وتوزيعها على فقرائهم! فقام أحد الحاضرين أمامه في الندوة
وسأله عن المستند في جواز ذلك فقال: لما عقدنا جلسات الحلقات الاجتماعية
اتخذنا في بعض جلساتها قرارا بجواز ذلك اعتمادا على مذهب من المذاهب الإسلامية
وهو المذهب الشيعي. وأنا أظن أنه يعني المذهب الزيدي.
وهنا موضع العبرة، لقد أعرض هذا الشيخ ومن رافقه في تلك الجلسة عن دلالة
الكتاب والسنة واتفاق السلف على أن الزكاة خاصة بالمؤمنين، واعتمد في
خلافهم على المذهب الزيدي! وهل يدري القارىء الكريم ما هو السبب في ذلك؟
ليس هو إلا موافقة بعض الحكام على سياستهم الاجتماعية والاقتصادية، وليتها
كانت على