ثم رواه الهيثم وكذا الضياء (٦٩ - ٧١
) عن عبد الرحمن بن الحارث (وهو ابن عياش) عن سليمان بن موسى عن مكحول عن
أبي سلام الباهلي عن أبي أمامة الباهلي عن عبادة بن الصامت به.
قلت: ورجاله ثقات على الخلاف المذكور في إسناده غير أني لم أعرف أبا سلام
الباهلي وقد قيل فيه أبو سلام الأعرج. رواه أبو بكر بن عبد الله بن أبي مريم
عن أبي سلام الأعرج عن المقدام بن معدي كرب عن عبادة الصامت به نحوه. أخرجه
أحمد (٥ / ٣١٤ و ٣١٦ و ٣٢٦) . وأبو بكر هذا ضعيف لاختلاطه. وتابعه سعيد بن
يوسف عن يحيى بن أبي كثير عن أبي سلام نحو ذلك. أخرجه أحمد (٥ / ٣٢٦) .
ويحيى بن أبي كثير ثقة ولكن الراوي عنه سعيد بن يوسف وهو الرحبي الصنعاني
ضعيف ولولا ضعفه لكان من الممكن أن يقال: إن أبا إسلام هذا هو الحبشي: ممطور
لأن ابن أبي كثير يروي عنه كثيرا، ويؤيد ذلك أن أبا بكر بن أبي مريم قد وصفه
في روايته بالأعرج، وهو ممطور نفسه. والله أعلم. وثمة اختلاف آخر على
مكحول، فقد قال عبد الرحمن بن ثوبان: عن أبيه عن مكحول عن عبادة بن الصامت.
أخرجه ابن بشران في " الأمالي " (٨٧ / ٢) .
قلت: وأسقط واسطتين بين مكحول وعبادة، ولعل ذلك من مكحول نفسه، فإنه
موصوف بالتدليس. والله أعلم. وجملة القول إن الحديث بمجموع الطريقين عن
عبادة صحيح، لاسيما وله طريق ثالث عنه بسند جيد بنحوه وهو الآتي بعده:
" كان يأخذ الوبر من جنب البعير من المغنم ثم يقول: مالي فيه إلا مثل ما
لأحدكم. ثم يقول: إياكم والغلول، فإن الغلول خزي على صاحبه يوم القيامة،
فأدوا الخيط والمخيط وما فوق ذلك، وجاهدوا في الله القريب والبعيد، في
الحضر والسفر، فإن الجهاد باب من الجنة، إنه ينجي صاحبه من الهم والغم.
وأقيموا حدود الله في القريب والبعيد، ولا تأخذكم في الله لومة لائم ".