(فائدة) قال النووي في " شرح مسلم " تحت حديث الترجمة: " هذا تصريح بحشر
البهائم يوم القيامة وإعادتها يوم القيامة كما يعاد أهل التكليف من الآدميين
وكما يعاد الأطفال والمجانين، ومن لم تبلغه دعوة. وعلى هذا تظاهرت دلائل
القرآن والسنة، قال الله تعالى: * (وإذا الوحوش حشرت) * وإذا ورد لفظ
الشرع ولم يمنع من إجرائه على ظاهره عقل ولا شرع، وجب حمله على ظاهره. قال
العلماء: وليس من شرط الحشر والإعادة في القيامة المجازاة والعقاب والثواب
. وأما القصاص من القرناء للجلحاء فليس هو من قصاص التكليف، إذ لا تكليف
عليها بل هو قصاص مقابلة، و (الجلحاء) بالمد هي الجماء التي لا قرن لها.
والله أعلم ". وذكر نحوه ابن الملك في " مبارق الأزهار " (٢ / ٢٩٣) مختصرا
. ونقل عنه العلامة الشيخ علي القاريء في " المرقاة " (٤ / ٧٦١) أنه قال:
" فإن قيل: الشاة غير مكلفة، فكيف يقتص منها؟ قلنا: إن الله تعالى فعال لما
يريد ولا يسأل عما يفعل والغرض منه إعلام العباد أن الحقوق لا تضيع بل يقتص
حق المظلوم من الظالم ". قال القاريء: " وهو وجه حسن، وتوجيه مستحسن، إلا
أن التعبير عن الحكمة بـ (الغرض) وقع في غير موضعه. وجملة الأمر أن القضية
دالة بطريق المبالغة على كمال العدالة بين كافة المكلفين، فإنه إذا كان هذا
حال الحيوانات الخارجة عن التكليف، فكيف بذوي العقول من الوضيع والشريف،
والقوي والضعيف؟ ".
قلت: ومن المؤسف أن ترد كل هذه الأحاديث من بعض علماء الكلام بمجرد الرأي،
وأعجب منه أن يجنح إليه العلامة الألوسي! فقال بعد أن ساق الحديث عن أبي
هريرة من رواية مسلم ومن رواية أحمد بلفظ الترجمة عند تفسيره آية * (وإذا
الوحوش حشرت) * في تفسيره " روح المعاني " (٩ / ٣٠٦) : " ومال حجة الإسلام
الغزالي وجماعة إلى أنه لا يحشر غير الثقلين لعدم كونه