الأول: ما ذكرته من مناسبة ورود الحديث في السفر.
والآخر: أن ابن وهب قد تابعه عبد الله بن صالح حدثنا معاوية بن صالح به
مناسبة ولفظا. أخرجه الدارقطني (ص ١٧٧) والطبراني في " الكبير " (١٤١٠)
. وعبد الله بن صالح من شيوخ البخاري، فهو حجة عند المتابعة. فدل ذلك كله
على أن المحفوظ في الحديث " السفر " وليس " السهر " كما قال الدارمي.
والحديث استدل به الإمام ابن خزيمة على " أن الصلاة بعد الوتر مباح لجميع من
يريد الصلاة بعده، وأن الركعتين اللتين كان النبي صلى الله عليه وسلم يصليهما
بعد الوتر لم يكونا خاصة للنبي صلى الله عليه وسلم دون أمته، إذا النبي صلى
الله عليه وسلم قد أمرنا بالركعتبن بعد الوتر أمر ندب وفضيلة، لا أمر إيجاب
وفريضة ". وهذه فائدة هامة، استفدناها من هذا الحديث، وقد كنا من قبل
مترددين في التوفيق بين صلاته صلى الله عليه وسلم الركعتين وبين قوله:
" اجعلوا آخر صلاتكم بالليل وترا "، وقلنا في التعليق على " صفة الصلاة " (ص
١٢٣ - السادسة) : " والأحوط تركهما اتباعا للأمر. والله أعلم ". وقد تبين
لنا الآن من هذا الحديث أن الركعتين بعد الوتر ليستا من خصوصياته صلى الله عليه
وسلم، لأمره صلى الله عليه وسلم بهما أمته أمرا عاما، فكأن المقصود بالأمر
بجعل آخر صلاة الليل وترا، أن لا يهمل الإيتار بركعة، فلا ينافيه صلاة ركعتين
بعدهما، كما ثبت من فعله صلى الله عليه وسلم وأمره. والله أعلم.