ثم أسند تحته حديث أبي سعيد. قال الحافظ
في " الفتح " (٢ / ٤٠٢) : " وقد استنبط المصنف من الحديث مقصود الترجمة،
ووجه الدلالة منه أن جلوسهم حوله لسماع كلامه يقتضي نظرهم إليه غالبا، ولا
يعكر على ذلك ما تقدم من القيام في الخطبة لأن هذا محمول على أنه كان يتحدث
وهو جالس على مكان عال وهم جلوس أسفل منه، وإذا كان ذلك في غير حال الخطبة
كان حال خطبة أولى، لورود الأمر بالاستماع لها، والإنصات عندها ". قال: "
من حكمة استقبالهم التهيؤ لسماع كلامه، وسلوك الأدب معه في استماع كلامه،
فإذا استقبله بوجهه وأقبل عليه بجسده وبقلبه وحضور ذهنه كان أدعى لتفهم
موعظته، وموافقته فيما شرع له القيام لأجله ".
(تنبيه) : تقدم في أثر أنس أن المستمر بن الريان رآه، فهذا يدل على أنه من
صغار التابعين، فهذا ينافي جعل الحافظ إياه في " التقريب " من الطبقة السادسة
، فحقه أن يجعله من الطبقة الخامسة لأنه يصدق عليه قوله في مقدمة " التقريب "
بعد أن ذكر طبقات التابعين: " الخامسة: الطبقة الصغرى منهم الذين رأوا الواحد
والاثنين ولم يثبت لبعضهم السماع من الصحابة كالأعمش ". ولأنه لا يصدق عليه
قوله بعدها: " السادسة طبقة عاصروا الخامسة، لكن لم يثبت لهم لقاء أحد من
الصحابة، كابن جريج ". لا يقال: لعل الحافظ لم يقف على رؤية المستمر لأنس،
لأننا نقول: قد ذكر ذلك هو نفسه في " التهذيب "، فلعله نسي ذلك. والله أعلم
.