ولكنه تبين فيما بعد أن هذا التحذير، وإن كان واجباً لا مناص منه؛ فإنه لا تتم الفائدة به وحده، بل لا بد أيضاً من تقديم الأحاديث الصحيحة إلى جانبها؛ لأنه لا يلزم من معرفة الضعيف من الحديث التعرف على الصحيح منه؛ إلا لو أمكن حصر الضعيف، وهيهات هيهات! [فقد جاوز عددها حتى الآن (٦٥٠٠) والحبل جرار] ولذلك جزمنا بضرورة بيان هذه الأحاديث الصحيحة إلى جانب بيان الأحاديث الضعيفة، وبذلك نكون قد جمعنا في المعالجة بين بيان الداء، وتقديم الدواء، بإذن الله تعالى.
ولم أتقيد في هذه المقالات بتبويب أو ترتيب خاص، بل حسبما تيسر، كما جرينا عليه في المقالات الأخرى المشار إليها آنفاً.
وغرضنا الأول من هذه المقالات بعد الذي أشرنا إليه من التثقيف تحقيق القول في صحة هذه الأحاديث والكلام على أسانيدها وطرقها ورواتها على طريقة أهل الحديث، وفي حدود مصطلحهم، مع قصد الاختصار وعدم الإِطالة ما أمكن؛ إلا فيما لا بد منه، وقد نتكلم أحياناً على ما في بعضها من المسائل الفقهية والفوائد اللغوية وغيرها، وقد نربط بين بعض مفرداتها أحياناً برباط من الكلام، بحيث يتألف منه موضوع خاص قائم بذاته، يمكن أن يجعل أصلاً لخطبة أو محاضرة، ولكني لم ألتزم ذلك، تيسيراً على نفسي، ومراعاة لضيق وقتي.
وإني لأسأل الله تبارك وتعالى أن ينفع بها أكثر مما نفع بالمقالات المشار إليها، وأن يلهمني الصواب فيها جميعاً، وأن يجعلها خالصة لوجهه، ويدخر لي أجرها عنده؛ إنه خير مسؤول.