بهذه المتابعة. ولكن ما قبلها من المتابعات يكفي في تقوية الحديث،
وكأنه لذلك أقر الحافظ في " التلخيص " (٣٦٧) تحسين الترمذي إياه.
ومنه تعلم أن قول البيهقي:
" تفرد به حنظلة " فليس بصواب والله أعلم.
إذا عرفت ذلك ففيه رد على بعض المعاصرين من المشتغلين بالحديث، فقد ألف جزءا
صغيرا أسماه " إعلام النبيل بجواز التقبيل " حشد فيه كل ما وقف عليه من أحاديث
التقبيل ما صح منها وما لم يصح، ثم أورد هذا الحديث وضعفه بحنظلة ولعله لم
يقف على هذه المتابعات التي تشهد له، ثم تأوله بحمله على ما إذا كان الباعث
على التقبيل مصلحة دنيوية كغنى أو جاه أو رياسة مثلا! وهذا تأويل باطل، لأن
الصحابة الذين سألوا النبي صلى الله عليه وسلم عن التقبيل، لا يعنون به قطعا
التقبيل المزعوم، بل تقبيل تحية كما سألوه عن الانحناء والالتزام والمصافحة
فكل ذلك إنما عنوا به التحية فلم يسمح لهم من ذلك بشيء إلا المصافحة، فهل هي
المصافحة لمصلحة دنيوية؟ ! اللهم لا.
فالحق أن الحديث نص صريح في عدم مشروعية التقبيل عند اللقاء، ولا يدخل في ذلك
تقبيل الأولاد والزوجات، كما هو ظاهر، وأما الأحاديث التي فيها أن النبي
صلى الله عليه وسلم قبل بعض الصحابة في وقائع مختلفة، مثل تقبيله واعتناقه
لزيد بن حارثة عند قدومه المدينة، وتقبيله واعتناقه لأبي الهيثم ابن التيهان
وغيرهما، فالجواب عنها من وجوه: