كذا قال، وقلده الأعظمي - كعادته -
، وأعجب منه ما فعله المناوي، فإنه نقل قول الهيثمي الأول، ثم قال عقبه: "
وبه يعلم أن رمز المؤلف لحسنه تقصير، وحقه الرمز لصحته "! وقلده القائمون
على طبع " الجامع الكبير " (١ / ٥ / ٥٨٨ / ١٩٣٩) كعادتهم أيضا! ووجه الخطأ
من ناحيتين: الأولى: أن قوله: " رجاله ثقات " لا يعني أن الإسناد صحيح، لما
تقدم بيانه أكثر من مرة، فكيف وهو تعقبه في قوله الأول: " رجاله وثقوا "،
فإن هذا فيه إشارة إلى أن بعض رجاله وثقوا توثيقا مريضا. ويكثر من هذا
التعبير الحافظ الذهبي في كتابه " الكاشف "، وقد تتبعت قوله هذا في عشرات
التراجم، فوجدتها كلها أو جلها ممن تفرد ابن حبان بتوثيقه، ويقول فيهم وفي
أمثالهم في " الميزان ": " مجهول "، ويقول الحافظ: " مقبول ". وفي إسناد
هذا الحديث - كما ترى - سويد بن جبلة، وقد وثقه ابن حبان، لكن قد ذكر
البخاري أنه روى عنه أربعة من الثقات، أحدهم: حريز بن عثمان، وقد قال أبو
داود: " شيوخ حريز ثقات "، ولذلك ملت في " تيسير الانتفاع " إلى أنه صدوق،
فليس هو علة هذا الحديث، وإنما هي التالية على التأكيد.
والأخرى: إسحاق بن زبريق هذا، فإنه مختلف فيه وأورده ابن حبان في " الثقات
" (٨ / ١١٣) تبعا لقول ابن معين فيه: " لا بأس به ". لكن كذبه محمد بن عوف
الطائي الحمصي، وهو به أعرف من غيره لأنه من بلده، ولذلك قال الحافظ فيه:
" صدوق يهم كثيرا، وأطلق محمد بن عوف أنه يكذب ".