يا أبت! التعرب بعد الهجرة كيف لحق ههنا؟ فقال: يا بني! وما
أعظم من أن يهاجر الرجل، حتى إذا وقع سهمه في الفيء ووجب عليه الجهاد، خلع
ذلك من عنقه، فرجع أعرابيا كما كان ". قلت: وهذا موقوف ظاهر الوقف، وبه
أعل ابن كثير رواية الطبراني المرفوعة، فقال عقبها: " وفي إسناده نظر،
ورفعه غلط فاحش، والصواب ما رواه ابن جرير.. ". ثم ذكر هذا. لكن يمكن أن
يقال: إنه موقوف في حكم المرفوع، فلا منافاة بينهما، ولاسيما وقد جاءت له
شواهد مرفوعة، أذكر ما تيسر لي منها: ١ - عن أبي هريرة قال رسول الله صلى
الله عليه وسلم: فذكره. أخرجه البزار في " مسنده " (١ / ٧٢ / ١٠٩) وابن
أبي حاتم في " التفسير " من طريق أبي عوانة عن عمر بن أبي سلمة عن أبيه عنه.
وأخرجه البخاري في " الأدب المفرد " (٥٧٨) مختصرا موقوفا. قلت: وهذا إسناد
حسن في المتابعات والشواهد، رجاله ثقات رجال الشيخين غير عمر بن أبي سلمة
وهو صدوق يخطىء، كما في " التقريب "، ولا بأس به في المتابعات، كما في "
الترغيب " (٣ / ٤٩) وهو في " الصحيحين " من طريق أخرى عن أبي هريرة به نحوه
، إلا أنه ذكر (السحر) مكان (التعرب) وهو مخرج في " إرواء الغليل " (٥ /
٢٤ / ١٢٠٢) .
٢ - عن أبي سعيد الخدري قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فذكره نحوه
وقال: " والرجوع إلى الأعراب بعد الهجرة ". أخرجه الطبراني في " الأوسط " (٢
/ ٤٩ / ٢) من طريق أبي بلال الأشعري قال: