والبيهقي (٦ / ٣١) من طريقين عن سفيان عن حنظلة عن طاووس عن ابن عمر
مرفوعا.
قلت: وهذا سند صحيح كما قال ابن الملقن في " الخلاصة " (٦٤ - ٦٥)
وصححه ابن حبان والدارقطني والنووي وابن دقيق العيد والعلائي كما
في " فيض القدير " ورواه بعضهم عن سفيان به فقال " عن ابن عباس " بدل
" ابن عمر " وهو خطأ كما بينته في تخريج أحاديث بيوع الموسوعة الفقهية،
ثم في " الإرواء " (١٣٣١) .
قال الإمام أبو جعفر الطحاوي رحمه الله:
" تأملنا هذا الحديث، فوجدنا مكة لم يكن بها ثمرة ولا زرع حينئذ، وكذلك
كانت قبل ذلك الزمان، ألا ترى إلى قول إبراهيم عليه السلام: (ربنا إني أسكنت
من ذريتي بواد غير ذي زرع) ، وإنما كانت بلد متجر، يوافي الحاج إليها
بتجارات فيبيعونها هناك، وكانت المدينة بخلاف ذلك، لأنها دار النخل، ومن
ثمارها حياتهم، وكانت الصدقات تدخلها فيكون الواجب فيها من صدقة تؤخذ كيلا،
فجعل النبي صلى الله عليه وسلم الأمصار كلها لهذين المصريين أتباعا، وكان
الناس يحتاجون إلى الوزن في أثمان ما يبتاعون، وفيما سواها مما يتصرفون فيه
من العروض ومن أداء الزكوات وما سوى ذلك مما يستعملونه، فيما يسلمونه فيه من
غيره من الأشياء التي يكيلونها، وكانت السنة قد منعت من إسلام موزون في موزون
ومن إسلام مكيل في مكيل، وأجازت إسلام المكيل في موزون، والموزون في مكيل
ومنعت من بيع الموزون بالموزون، إلا مثلا بمثل، ومن بيع المكيل بالمكيل إلا
مثلا بمثل، وكان الوزن في ذلك أصله ما كان عليه بمكة، والمكيال مكيال أهل
المدينة، لا يتغير عن ذلك، وإن غيره الناس عما كان عليه إلى ما سواه من ضده
فيرحبون بذلك إلى معرفة الأشياء المكيلات التي لها حكم المكيال إلى ما كان عليه
أهل المكاييل فيها يومئذ، وفي الأشياء الموزونات