قلت: فهذا مرسل لم يذكر في إسناده: " عن أبي محذورة " إلا أن يكون سقط من
الناسخ أو الطابع، فهذا محتمل. وعبد الله هذا ثقة من شيوخ مسلم، وهو ابن
عمر بن محمد بن أبان المعروف بـ (مشكدانة) . وبالجملة، فالإسناد ضعيف،
لأنه إن سلم من الإرسال فلن يسلم من إبراهيم أو أبيه أو جده، ومع ذلك قال
الهيثمي في كل من الحديثين (١ / ٣١١) : " وإسناده حسن "! وقد كنت اعتمدت
عليه حين خرجت أحاديث " الجامع الصغير وزيادته "، وجعلته قسمين " الصحيح "
و" الضعيف "، ولم أكن قد وقفت على إسناده، فأوردته في " الصحيح " برقم (٢٩٥
) والآن وقد وقفت عليه وتبينت ضعفه وتساهله في تحسينه، فحقه أن يودع في "
ضعيف الجامع " لكن منعني من ذلك أنني وجدت له شاهدا قويا من حديث سلمة بن
الأكوع قال: " كان النبي صلى الله عليه وسلم يصلي المغرب ساعة تغرب الشمس،
إذا غاب حاجبها ". أخرجه الشيخان وغيرهما وهو مخرج في " صحيح أبي داود " (
٤٤٣) . قوله: " فاحذرها " أي: صلاة المغرب. قال ابن الأثير في " النهاية "
: " (فاحدر) ، أي: أسرع، حدر في قراءته وأذانه يحدر حدرا، وهو من الحدور
ضد الصعود، ويتعدى ولا يتعدى ". قلت: وهذه من السنن المتروكة في بلاد
الشام، ومنها عمان، فإن داري في جبل هملان من جبالها، أرى بعيني طلوع الشمس
وغروبها، وأسمعهم يؤذنون للمغرب بعد غروب الشمس بنحو عشر دقائق، علما بأن
الشمس تغرب عمن كان في وسط عمان ووديانها قبل أن تغرب عنا! وعلى العكس من
ذلك فإنهم يؤذنون لصلاة الفجر قبل دخول وقتها بنحو نصف ساعة. فإنا لله وإنا
إليه راجعون.