قلت: وإسناده حسن ورجاله كلهم ثقات رجال مسلم، غير شيخ الطبراني وهو علي
بن عبد العزيز - وهو البغوي - ثقة حافظ، وإبراهيم هو ابن يزيد النخعي.
وقد يقول قائل: إنه مرسل منقطع بين إبراهيم وابن مسعود فكيف تحسن إسناده؟
فأقول: نعم، ولكن جماعة من الأئمة صححوا مراسيله، وخص البيهقي ذلك بما
أرسله عن ابن مسعود كما نقله في " التهذيب ". وقول البيهقي هو الصواب، لقول
الأعمش: قلت لإبراهيم: أسند لي عن ابن مسعود، فقال إبراهيم: إذا حدثتكم عن
رجل عن عبد الله فهو الذي سمعت، وإذا قلت: قال عبد الله، فهو عن غير واحد
عن عبد الله. فهذا صريح في أن ما أرسله عن ابن مسعود يكون بينه وبين ابن
مسعود أكثر من واحد، وهم وإن كانوا مجهولين، فجهالتهم مغتفرة، لأنهم جمع
من جهة ومن التابعين - بل وربما من كبارهم - من جهة أخرى، وهذه فائدة أخرى
سبق أن ذكرتها في موضع آخر، لا يحضرني الآن. ومما يقوي هذه القصة بين ابن
مسعود وأبي بن كعب، أنها رويت من حديث جابر بن عبد الله رضي الله عنه وابن
عباس رضي الله عنهما. ١ - أما حديث جابر، فأخرجه أبو يعلى في " مسنده " (٢ /
٤٩٧ - ٤٩٨) وعنه ابن حبان (٥٧٧) والطبراني في " الأوسط " (١ / ٢٥٢ / ٢)
من طريق يعقوب القمي عن عيسى بن جارية عن جابر به نحوه. وقال المنذري (١ /
٢٥٨) : " رواه أبو يعلى بإسناد جيد وابن حبان في (صحيحه) ". قلت: إسناده
محتمل للتحسين، للكلام المعروف في عيسى بن جارية ويعقوب بن عبد الله القمي.
٢ - وأما حديث ابن عباس، فأخرجه ابن خزيمة في " صحيحه " (١٨٠٩) بإسناد