مع أنه لم يرو عنه غير معمر، كما ذكرته في " تيسير انتفاع الخلان
بكتاب " ثقات ابن حبان " وحققت فيه أنه وقع في ترجمة سعيد هذا عنده عدة
تصحيفات، منها نسبة (الجحشي) هذه، وقعت فيه: (الحجبي) ، كما أنها تحرفت
في " الشعب " إلى " الجرشي "، الأمر الذي حال بيني وبين معرفتي إياه، حين
أوردت حديثه هذا شاهدا تحت الحديث المتقدم (٦٦٦) وكان ذلك من دواعي إعادة
تخريجه وتصحيح نسبته إلى فوائد أخرى يأتي ذكرها بإذن الله تبارك وتعالى.
وقوله: " وكان أبو قتادة - حسبت - يرجله كل يوم مرتين "، لا يصح عندي، لشك
الراوي: أولا: في قوله: " حسبت ". وثانيا: لثبوت نهيه صلى الله عليه وسلم
عن الترجل إلا غبا، كما تقدم تخريجه من طرق برقم (٥٠١) . وكذلك لا يصح ما
أخرجه النسائي (٥٢٣٧) من طريق عمر بن علي بن مقدم قال: حدثنا يحيى بن سعيد
عن محمد بن المنكدر عن أبي قتادة قال: " كانت له جمة ضخمة، فسأل النبي صلى
الله عليه وسلم؟ فأمره أن يحسن إليها وأن يترجل كل يوم ". قلت: وهذا أنكر
من سابقه، فإنه رفع الترجل كل يوم إلى النبي صلى الله عليه وسلم، وهذا خلاف
الحديث الصحيح الذي أشرت إليه آنفا وعلته الانقطاع بين محمد بن المنكدر وأبي
قتادة، فإنه لم يسمع منه كما حققه الحافظ في " التهذيب ". ويمكن استخراج علة
ثانية وهي الإرسال. وعلة ثالثة وهي التدليس، فإن ابن مقدم هذا كان يدلس
تدليسا عجيبا يعرف عند العلماء بتدليس السكوت، فانظر ترجمته في " التهذيب ".