المهلب لما ولي خراسان قال: دلوني على رجل كل لخصال الخير، فدل على أن أبي
بردة بن أبي موسى الأشعري، فما جاءه رآه رجلا فائقا، فلما كلمه رأى
مخبرته أفضل من مرآته، قال: إني وليتك كذا وكذا من عملي، فاستعفاه فأبى أن
يعفيه، فقال: أيها الأمير! ألا أخبرك بشيء حدثنيه أبي أنه سمعه من رسول الله
صلى الله عليه وسلم؟ قال: هاته، قال: إنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم
يقول: " من تولى عملا وهو يعلم أنه ليس لذلك العمل أهل فليتبوأ مقعده من
النار "، قال: وأنا أشهد أيها الأمير! أني لست بأهل لما دعوتني إليه، فقال
له يزيد: ما زدت إلا أن حرضتني على نفسك ورغبتنا فيك، فأخرج إلى عهدك فإني
غير معفيك، ثم فخرج (كذا الأصل ولعل الصواب: فخرج ثم) أقام فيه ما شاء
الله أن يقيم، واستأذنه بالقدوم عليه، فأذن له، فقال: أيها الأمير! ألا
أحدثك بشيء حدثنيه أبي أنه سمع من رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قال هاته،
قال: (فذكره) ، قال: وأنا أسألك بوجه الله ألا ما أعفيتني أيها الأمير!
من عملك. فأعفاه. قلت: وهذا إسناد حسن، رجاله ثقات رجال مسلم، وفي عبد
الله بن عياش ضعف من قبل حفظه، ومثله أحمد بن عبد الرحمن. ولكن هذا قد توبع
فيما يبدو لي من قول المنذري في تخريجه لهذا الحديث في " الترغيب " (٢ / ١٧)
، فإنه قال: " رواه الطبراني، ورجاله رجال الصحيح إلا شيخه يحيى بن عثمان بن
صالح، وهو ثقة ". قلت: وهو من طبقة أحمد بن عبد الرحمن، فالظاهر أنه
متابع له. وقال الهيثمي في " المجمع " (٣ / ١٠٣) : " رواه الطبراني في "
الكبير "، وإسناده حسن، على ضعف في بعضه مع توثيق ". قلت: وكأنه يشير إلى
عبد الله بن عياش. والله أعلم.