للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

فما لبثنا إلا يسيرا حتى قال النبي صلى الله عليه

وسلم: فذكره. قال: فاستقبل الناس بما كان عندهم منها في طرق المدينة فسفكوها

. (سفكوها) : أي: أراقوها. ومن هذا الوجه أخرجه البيهقي في " السنن "

/ ١١) . والظاهر أن الآية التي أشار إليها النبي صلى الله عليه وسلم هي قوله

تعالى في سورة المائدة (٩١) : * (إنما يريد الشيطان أن يوقع بينكم العداوة

والبغضاء في الخمر والميسر ويصدكم عن ذكر الله وعن الصلاة فهل أنتم منتهون) *

. وهو آخر آية أنزلت في تحريم الخمر كما يبدو من حديث عمر المروي في الترمذي

وغيره، وقد صححه ابن المديني كما في " تفسير ابن كثير " (٢ / ٩٢) ولعله من

شواهده المذكورة في " الدر المنثور " (٢ / ٣١٤ - ٣١٦) وصححه الحاكم (٤ /

١٤٣) ووافقه الذهبي. وفي الحديث فائدة هامة، وهي الإشارة إلى أن الخمر

طاهرة مع تحريمها، وإلا لم يرقها الصحابة في طرقهم وممراتهم ولأراقوها

بعيدة عنها، كما هو شأن النجاسات كلها، كما يشير إلى ذلك قوله صلى الله عليه

وسلم: " اتقوا اللاعنين ". قالوا: وما اللاعنان؟ قال: " الذي يتخلى في

طريق الناس، أو في ظلهم ". رواه مسلم وغيره، وهو مخرج في " الإرواء "

/ ١٠٠ - ١٠١) وغيره. وقد اختلف الناس في ذلك، وقد قال كثير من الأئمة

المتقدمين بطهارتها، مثل ربيعة الرأي والليث بن سعد، وكثير من المحدثين

وغيرهم، وقد كنت فصلت القول في ذلك في " تمام المنة في التعليق على فقه السنة

"، وقد تم طبعه والحمد لله، وأصبح في متناول أيدي القراء.

<<  <  ج: ص:  >  >>