للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

ومما يؤكد شذوذها، ويؤيد أن المحفوظ رواية

الجماعة، زيادة الطيالسي وابن أبي شيبة عقب الحديث: " قال صالح: وأدركت

رجالا ممن أدركوا النبي صلى الله عليه وسلم وأبا بكر إذا جاؤا فلم يجدوا إلا

أن يصلوا في المسجد رجعوا فلم يصلوا " (١) . فهذا صريح في أن صالحا كان يروي

الحديث بلفظ الجماعة، فإنه هو الذي يناسب ما حكاه عمن أدركهم من الصحابة من

تركهم الصلاة على الجنازة في المسجد بخلاف رواية أبي داود: " فلا شيء عليه "،

فإنها تباينه وتنافيه، ويدل ذلك أيضا على بطلان تأويل رواية الجماعة إلى

رواية أبي داود: أي فلا شيء عليه! قالوا: ليتحد معنى اللفظين ولا يتناقضان

. وأقول: التأويل فرع التصحيح، فبعد أن بينا شذوذ رواية أبي داود بما لا ريب

فيه، فلا مبرر للتأويل، وقد جاء في " نصب الراية " (٢ / ٢٧٥) : " قال

الخطيب: المحفوظ: " فلا شيء له وروي: " فلا شيء عليه وروي: " فلا

أجر له "، انتهى. قال ابن عبد البر: رواية: " فلا أجر له " خطأ فاحش،

والصحيح: " فلا شيء له ". وصالح مولى التوأمة من أهل العلم، منهم من لا يحتج

به لضعفه، ومنهم من يقبل منه ما رواه ابن أبي ذئب خاصة، انتهى ".

قلت: والسبب في ذلك أنه كان اختلط، فمنهم من سمع منه قبل الاختلاط - كابن

أبي ذئب - فهو حجة، ومنهم من سمع منه بعد الاختلاط فليس بحجة، وهذا التفصيل

هو الذي استقر عليه رأى أهل العلم قديما وحديثا، فروى ابن أبي حاتم (٢ / ١ /

٤١٧) عن عبد الله بن أحمد عن أبيه أنه قال: " كان مالك قد أدرك صالحا، وقد

اختلط وهو كبير، من سمع منه قديما فذاك، وقد


(١) ورواه البيهقي أيضا، إلا أنه قال: فرأيت أبا هريرة إذا لم يجد ... إلخ.
. اهـ.

<<  <  ج: ص:  >  >>