" حدثتنا عائشة بنت طلحة قالت: قلت لعائشة - وأنا في حجرها، وكان الناس
يأتونها من كل مصر، فكان الشيوخ ينتابوني لمكاني منها، وكان الشباب يتأخوني
فيهدون إلي، ويكتبون إلي من الأمصار، فأقول لعائشة - يا خالة هذا كتاب فلان
وهديته. فتقول لي عائشة أي بنية! فأجيبيه وأثيبيه، فإن لم يكن عندك ثواب
أعطيتك، قالت: فتعطيني ".
قلت: وموسى هذا هو ابن عبد الله بن إسحاق به طلحة القرشي، روى عن جماعة من
التابعين، وعنه ثقتان، ذكره ابن أبي حاتم في " الجرح والتعديل " (٤ / ١ /
١٥٠) ومن قبله البخاري في " التاريخ الكبير " (٤ / ٢٨٧) ولم يذكرا فيه
جرحا ولا تعديلا، وقد ذكره ابن حبان في " الثقات "، وقال الحافظ في
" التقريب ": " مقبول ". يعني عند المتابعة، وإلا فهو لين الحديث.
وقال المجد ابن تيمية في " منتقى الأخبار " عقب الحديث:
" وهو دليل على جواز تعلم النساء الكتابة ".
وتبعه على ذلك الشيخ عبد الرحمن بن محمود البعلبكي الحنبلي في " المطلع "
(ق ١٠٧ / ١) ، ثم الشوكاني في " شرحه " (٨ / ١٧٧) وقال:
" وأما حديث " لا تعلموهن الكتابة، ولا تسكنوهن الغرف، وعلموهن سورة
النور "، فالنهي عن تعليم الكتابة في هذا الحديث محمول على من يخشى من
تعليمها الفساد ".
قلت: وهذا الكلام مردود من وجهين:
الأول: أن الجمع الذي ذكره يشعر أن حديث النهي صحيح، وإلا لما تكلف التوفيق
بينه وبين هذا الحديث الصحيح. وليس كذلك، فإن حديث النهي موضوع كما قال
الذهبي. وطرقه كلها واهية جدا، وبيان ذلك في " سلسلة الأحاديث الضعيفة "
رقم (٢٠١٧) ، فإذا كان كذلك فلا حاجة للجمع المذكور، ونحو صنيع الشوكاني