وكلاهما قد وثق على ضعف فيه، وبقية رجاله رجال
الصحيح ". قلت: إسناد ابن خزيمة سالم من هذين المضعفين، وعبد الله بن صالح
كثير الرواية عن الليث - وهو ابن سعد - بل هو كاتبه، ولولا غفلة كانت فيه
لكانت روايته عنه من أقوى الروايات، وعلى كل حال، فهو متابع للثقتين في
رواية ابن خزيمة، ففيها قوة للحديث. والله أعلم. ثم رأيت ابن خزيمة أخرجه
بإسناد آخر عن الليث، فقال (ص ١٥٨ - ١٥٩) : " وحدثنا يونس بن عبد الأعلى
قال: حدثنا يحيى - يعني ابن عبد الله بن بكير - قال: حدثني الليث ... " به.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط مسلم. (فائدة) : قوله صلى الله عليه وسلم:
" استغاثوا بآدم "، أي: طلبوا منه عليه السلام أن يدعو لهم، ويشفع لهم عند
الله تبارك وتعالى. والأحاديث بهذا المعنى كثيرة معروفة في " الصحيحين "،
وغيرهما. وليس فيه جواز الاستغاثة بالأموات، كما يتوهم كثير من المبتدعة
الأموات! بل هو من باب الاستغاثة بالحي فيما يقدر عليه، كما في قوله تعالى:
* (فاستغاثه الذي من شيعته على الذي من عدوه..) * الآية (١) . ومن الواضح
البين أنه لا يجوز - مثلا - أن يقول الحي القادر للمقيد العاجز: أعني! فالميت
الذي يستغاث به من دونه تعالى أعجز منه، فمن خالف، فهو إما أحمق مهبول، أو
مشرك مخذول لأنه يعتقد في ميته أنه سميع بصير، وعلى كل شيء قدير، وهنا تكمن
الخطورة لأن الشرك الأكبر، وهو الذي يخشاه أهل التوحيد على هؤلاء
(١) القصص: الآية: ١٥.