أخرجه الدارقطني والبيهقي. وعزرة هذا مقبول عند الحافظ عند
المتابعة، وقد تابعه جمع كما رأيت. وتابعه أيضا يحيى بن أبي كثير عن أبي
سلمة: حدثني أبو هريرة مرفوعا بلفظ: " من صلى ركعة من صلاة الصبح قبل أن تطلع
الشمس فلم تفته، ومن صلى ركعة من صلاة العصر قبل أن تغرب الشمس فلم تفته ".
أخرجه أحمد (٢ / ٢٥٤) وإسناده صحيح على شرط الشيخين، وقد أخرجه البخاري
بنحوه، وقد مضى لفظه برقم (٦٦) ، وزاد فيه بعضهم لفظ: " أول " في كل من
الصلاتين، فراجعه، وصححه ابن حبان (١٥٨٤) . وهذا أعله الكوثري أيضا
بعنعنة يحيى بن أبي كثير، متجاهلا احتجاج الشيخين به مطلقا، واحتجاج البخاري
بحديثه هذا خاصة، ولو كان ذلك علة قادحة في هذا الإسناد فلا يقدح في صحة
الحديث لمجيئه من تلك الطرق الكثيرة الصحيحة كما لا يخفى على أهل العلم بهذا
الفن الشريف. وله طرق أخرى، فقال الطيالسي في " مسنده " (٢٣٨١) : حدثنا
زهير بن محمد عن زيد بن أسلم عن الأعرج وبسر بن سعيد وأبي صالح عن أبي هريرة
به مثل حديث ابن أبي كثير. وهذا إسناد جيد رجاله رجال الشيخين، وصححه ابن
حبان (١٥٨١) . وبعد جمع طرق الحديث يتبين لكل ذي عينين أن الحديث صريح
الدلالة في إبطال مذهب الحنفية القائلين بأن من طلعت عليه الشمس في صلاة الصبح
بطلت ولو أدرك منها ركعة! وقد تفننوا في التفصي من هذه الأحاديث، تارة
بإعلال ما يمكن إعلاله منها ولو بعلة غير قادحة، وتارة بتجاهل الطرق الصحيحة
، كما فعل متعصب العصر الحاضر الشيخ الكوثري، وتارة بادعاء نسخها بأحاديث
النهي عن الصلاة عند طلوع الشمس، وتارة بتخصيصها بالصبيان ونحوهم كما فعل
الطحاوي وجرى خلفه الكوثري.